التقدم في الصناعات صنعت الموازين.
ولا يبعد أن يقال: إن التقدير بالأحجار المضبوطة حجما، كان أقدم من التقدير بالأحجار المضبوطة وزنا.
وما استشهد به الشيخ الأعظم (قدس سره) لأصالة الوزن: من أن المكاييل المتعارفة في الأماكن المتفرقة على اختلافها في المقدار، ليس لها مأخذ إلا الوزن; إذ ليس هنا كيل تقاس المكاييل عليه (1) غير واضح; فإن الموازين أيضا في البلاد المتفرقة مختلفة المقدار جدا، كالمن التبريزي، والمن الشاهي والرازي مما كان متعارفا في طهران، والمن في بروجرد، وفي لرستان... إلى غير ذلك، وليس هنا ما يرجع إليه سائر الأمنان.
بل اختلاف الأمنان والمكاييل; لاختلاف الطوائف في العيش، وقلة الارتباط بينهم، ثم بعد حصول كثرة الارتباطات، صار في أكثر البقاع ميزان واحد متداولا، إلى أن صار الكيلو متعارفا ووزنا ثابتا، فاختلاف المكاييل ليس شاهدا على أصالة الوزن.
ثم إن الظاهر من كثرة السؤال والجواب عن الكيل في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام)، وقلة السؤال عن الوزن بالنسبة إلى الكيل، أنه كان أكثر تداولا من الوزن، وهو غير بعيد بالنسبة إلى الحجاز في ذلك العصر، بل بالنسبة إلى العراق بحسب وضع معيشتهم في أكثر بلاده وبقاعه.
والمظنون أن الكيل بقي في تلك الأصقاع من الأعصار القديمة، ثم بعد ذلك ضم إليه الوزن، ثم تعارف هذا وهجر الآخر تدريجا إلى زماننا.