أن سبب البطلان ليس الجهل مطلقا، بل احتمال صيرورة البيع بلا ثمن، كما لو باع شيئا إلى أجل بدينار غير دينار، فإن بطلانه ليس لأجل الجهل، بل لخلو البيع عن الثمن، وعدم صدق مفهوم البيع عليه، ومع احتمال صيرورة الدينار بدرهم، يكون البطلان لأجل كون المورد من الشبهة المصداقية لماهية البيع، فلو كان مجرد الجهل موجبا للبطلان، لم يحسن تعليله بما ذكر.
إلا أن يقال: إنه من المستبعد جدا صيرورة الدينار بدرهم في وقت، فيكون الكلام مبنيا على مبالغة، ولا يراد منه المعنى الحقيقي، بل يكون كناية عن تنزل القيمة فاحشا، فيراد أن البيع فاسد; لاحتمال تنزل الدينار فاحشا.
ولعل ذلك لأجل عدم الفساد مع التنزل القليل، الذي لا يعد غررا، فيرجع مفادها إلى مفاد سائر الروايات.
وأما التقييد بالنسيئة في رواية وهب، فالظاهر أنه لأجل تحقق الجهالة لا لقيديتها لأصل الحكم.
وكيف كان: يستفاد من تلك الروايات بطلان البيع مع جهالة الثمن.
ومن هذا الباب ما إذا باع بحكم المشتري، إذا كان المقصود بيع الشئ بعنوان كلي هو «ما يعينه المشتري» أو «بما يعينه المشتري» إشارة إلى ما يعينه فيما بعد، ففي الصورتين يكون الثمن مذكورا في البيع وإن كان مجهولا، فدليل البطلان هو ما تقدم (1).