الأخر التجاوز والتصرف فيها إلا بإذن واليها، بل ليس لأهالي المملكة التصرفات المهمة - نحو الإحياء - إلا بإذن الوالي، والإسلام لم يأت بشئ في تلك الأمور غير ما عند العقلاء، فمقتضى سلطنتهم (عليهم السلام) وولايتهم على تلك الأرضين، عدم جواز إحيائها إلا بإذنهم على جميع الاحتمالات.
ثم لو لم يثبت الإذن منهم، فهل للفقيه ذلك؟
قد يقال: إن الفقيه نائب عنه (عليه السلام) فيما يرجع إلى أمور المسلمين، التي تكون وظيفة الإمام (عليه السلام) بما هو رئيس المسلمين، أن يتصدى لها، لا في أموره الشخصية وأملاكه الشخصية، والمقام - كسهم الإمام (عليه السلام) - من هذا القبيل (1).
وفيه ما لا يخفى; ضرورة أن موات الأرض وسهم الإمام، لو كانت من أملاكه الشخصية، لا بد وأن تورث، والضرورة على خلافه، فلا بد من القول:
بملك الجهة، والإمام وليها، أو بعدم الملك، وهو الولي لها.
ومن الواضح أن سهم الإمام (عليه السلام)، وكذا تلك الأرضون التي هي من الدولة الإسلامية، أمرها بيد السلطان بما هو سلطان ووال، وكل ما كان كذلك، فالفقيه وليه من قبل المعصومين (عليهم السلام)، فلا إشكال في أن للفقيه الإذن فيما كان للإمام ذلك في تلك الجهات العامة المربوطة ببيت مال المسلمين، أو بحدود بلادهم.
ثم إن ما ذكرناه في الأخبار الواردة في أن الأرض أو الدنيا وما عليها للإمام (عليه السلام) - من أن الأقرب حملها على ولاية التصرف - ليس المراد منها هذا النحو من الولاية التي هي للسلطان، حتى تتوقف تصرفات الناس على إذنه، بل المراد أن الله تعالي أعطاهم اختيار التصرف في أنفس الناس، وفي أموا لهم، وجميع ما في الأرض، وإن كانت الأموال لأصحابها، ولهم التصرف فيها بلا إذن.