وعليه لا ينبغي الإشكال في أن الظاهر من عطف (الرسول) على (الله) أن ما لله تعالي له (صلى الله عليه وآله وسلم)، فله ولاية التصرف، فكما أن الله تعالي لا يملك الرقبة بالملكية المتداولة، بل له التصرف فيها، فكذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومما يدل على ذلك: أنه لا إشكال في أن الأنفال بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، لم تكن موروثة بين وراثه، كأزواجه وغيرهن، وليس ذلك إلا لأجل أنه لم يملك الرقبة، وتخصيص آية الإرث (1) بعيد غايته، ولم يقل به الفقهاء.
فلا بد إما من حمل الآية على أن الملك للجهات لا للأشخاص، فتكون جهة الربوبية والألوهية مالكة، وجهة الولاية كذلك، وهو مع كونه خلاف ظاهر الآية، خلاف اعتبار العقلاء في الله تعالي كما مر (2)، فلا بد من التفكيك الفظيع.
وإما من القول: بأن المراد ولاية التصرف، وهو للوالي بهذا الوجه; نبيا كان أم إماما، واحدا بعد واحد.
وهذا أحسن الوجوه المطابق للاعتبار العقلائي، الموافق لبناء الدول; من كون الأراضي الموات والمعمورة - من غير معمر - للدولة، والإسلام في هذه الأمور السياسية ونحوها، لم يأت بشئ مخالف لما عند العقلاء إلا فيما فيه مفسدة، فإذا كان مفاد الآية الشريفة كذلك، تنحل العقدة في الأخبار أيضا; فإنها - على كثرتها - لم تأت بشئ مخالف للآية.
نعم، ورد فيها: «أن ما لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو للأئمة (عليهم السلام)» (3) وهو أيضا يؤكد ما ذكرناه; إذ لو كان ملكا له لا بد وأن يورث، أو يخصص فيه حكم الإرث،