ومن غريب الأمر ما وقع لبعض أهل الدقة استدلالا ونقدا، قال في مقام الاستدلال ما محصله: أن التصدي للحاكم في العامة; لولايته على ما كان لله، فيكون لوليه، فيكون لنائبه.
ثم تنظر فيه: بأنه لا دليل على كونه ملكا له تعالي بالملكية الاعتبارية، كما أن الأمر كذلك في سائر الصدقات، ولو سلم، فلا دليل على كونه لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو وليه.
ولو سلم، فلا دليل على النيابة إلا فيما كان لهما من حيث النبوة والإمامة، لا في الملك الشخصي، ولا دليل على أن الإمام (عليه السلام) - بحسب الولاية المجعولة - ذو ولاية على الأوقاف العامة، فإنا نقول بتلك الولاية فيما كان من شأن رئيس المسلمين، والوقف ليس كذلك; لوضوح إمكان جعل التولية لآحاد الناس من قبل الواقف.
فيعلم منه: أنه ليس من الأمور التي لا بد من تصدي الرئيس لها (1)، انتهى.
وفيه ما لا يخفى; فإن طريق الاستدلال للمطلوب ليس ما ذكره، بل هو ما أشرنا إليه; من صيرورة الوقف العام من مصالح المسلمين، والحافظ لها هو الوالي (2)، وليس أمثال هذه الأمور من تأسيسات الإسلام، بل أمر الحكومة ووظائف الوالي والحاكم، مضبوطة في جميع أنحاء الحكومات، وحفظ مصالح الأمة - إذا لم يكن لها حافظ - إنما هو على الولاة والحكام، وكون الوقف له تعالي ملكا اعتباريا... إلى آخر ما قال، أجنبي عن المقصود.
فالمهم هو النظر إلى أن حفظ مصالح الأمة، من شؤون الوالي، أم يكون لكل أحد التصدي له، فيلزم منه الهرج والمرج، ومجرد إمكان جعل التولية