على الذرية مثلا، وهو ينحل إلى الحبس والتسبيل، لا أن الإنشاء تعلق بالحبس والتسبيل معا، حتى يكون أحدهما بمنزلة العلة، ويوسع دائرة الوقف.
ولو فرض إنشاؤه بمثل «حبست وسبلت منفعتها» بناء على صحته، يكون ذلك من الألفاظ الدالة على الوقف نحو الكنايات، لا أن كلا إنشاء مستقل، ويكون الوقف متقوما بإنشاءين مستقلين.
ومنها: أنه لو سلمنا ذلك، لكن لا يعقل في باب المعاملات المتقومة بالإنشاء والجعل، التوسعة والتضييق، وإنما يقال بهما في باب الأوامر والنواهي، لا لأن التعليل يوسع متعلق الأمر أو النهي; فإنه غير معقول.
فقوله: «لا تشرب الخمر; لأنها مسكرة» لا يكون التعليل فيه موسعا لدائرة متعلق «لا تشرب» ضرورة أن متعلقه الخمر، ولا يعقل التجاوز عنه، ولا يكون المراد بذلك أن «الخمر» مستعملة في المسكر بقرينة التعليل; فإنه - مع وضوح بطلانه - ليس من قبيل التوسعة.
بل المراد هناك: أن التعليل كاشف عن إرادة المولى، وحجة من قبله على العبد، فمن هذا التعليل يفهم أن إرادة المولى تعلقت بمطلق المسكر، وهي حجة قاطعة.
وأما لو ورد مثل هذا التعليل في باب العقود والإيقاعات، فقال: «بعت الدار; لأنها غير محتاج إليها» و «آجرت بستاني للاحتياج إلى أجرته» و «بعت الخمر; لأنها مسكرة» فلا معنى لتوسعة التعليل، والحكم ببيع كل ما كان غير محتاج إليه، وإجارة كل ما يحتاج إلى أجرته، وبيع مطلق المسكر; ضرورة أن الإنشاء لا يتجاوز عن متعلقه، والإرادة والرضا القلبي لا دخل لهما بالمعاملات.
فإذا قال: «حبست داري; لأجل در منفعتها إلى ذريتي» وكان الثاني علة، فلا يعقل أن يوسع دائرة الإنشاء، ويتعلق الإنشاء الفعلي المتعلق بالدار، بأمر أوسع