وبما هي مال محبوسة إذا لم يمكن الانتفاع بها مع بقائها بشخصها.
فالعين وإن سقطت عن الوقفية بنفسها وبشخصها، لكنها بما هي مال محبوسة، والانتفاع بها بما هي مال، يتوقف على تبديلها، وحفظ المالية الموقوفة في ضمن البدل.
ولو قيل: إن غرض الواقف وإن كان دوام الانتفاع، لكن لا دليل على اتباع غرضه، بعد ما كان الحبس متعلقا بالعين والمالية القائمة بها حتى يلزم التبديل لحفظه، مع أن البدل ليس عين مالية الوقف.
يقال: إن الغرض لما كان عقديا - بحيث جعل الوقف حقيقة مركبة من حبس العين، وتسبيل الثمرة - فدليل نفوذ الوقف دليل على اتباعه.
وأما أن الانتفاع بالمال الذي هو غرض يتبع من الواقف، يقضي بالتبديل; فلأجل أن الانتفاع بشخص المال - من دون تبديل إلى الأبد - مفروض العدم، فلا بد من حفظ المال بتبديله بما يماثله في المالية; فإن إقامة مماثله في نظر العقلاء من أنحاء حفظه.
فالتسليط على الانتفاع إلى الأبد، يوجب سعة دائرة الوقف، وحفظ الموقوف - بالجهة التي هي موقوفة في نظر العقلاء - بتبديله بالمماثل، لا أن المماثل موقوف بوقف المالك وإنشائه (1)، انتهى ملخصا.
وفيه مواقع للنظر، نكتفي بمهماتها:
منها: أنه على فرض تسليم كون الوقف من الماهيات المركبة، لا يلزم منه أن يكون كل جزء منه تحت الإنشاء، حتى يكون إنشاء الوقف إنشاء حبس مستقل، وإنشاء تسبيل مستقل، بل الواقف - بحسب النوع - لا ينشئ إلا الوقف