فلا منفعة للمسجد غير العبادة فيها، والانتفاعات المتداولة منها، كالقضاء، ونشر الأحكام، بل والسكنى بنحو لا تزاحم الصلاة; مما جرت السيرة عليها، ودلت الأدلة على جوازها، وأما المنافع الأخر فساقطة عنها وعن أشباهها; من المدارس والخانات.
ولا ينبغي توهم: أن لازم قصر الانتفاع الخاص للموقوف عليهم، بقاء سائر المنافع منحازة للواقف; فإن ذلك ضروري البطلان.
فلو وقف محلا للتدريس أو للمكتبة... أو نحو ذلك، فكما لا يجوز التعدي عن جعله، لا يجوز إجارته ولو مع عدم الانتفاع الخاص وتعذره; لأن اختصاص الوقف بجهة خاصة، يجعل العين مسلوبة المنفعة بحسب جعله وإنفاذ الشرع.
وأغرب مما ذكر التوجيه المتقدم (1); فإن ضعفه مما لا يخفى، ضرورة أن جهة المسجدية في المساجد، ليست في الخارج غير حيثية الوقف; فإن المسجد بما هو مسجد وقف، لا مسجد ووقف، فالمسجد أحد مصاديق الوقف، والمصداق عين العنوان في الخارج، لا أمر منحاز عنه له حكم خاص، والانحلال العقلي غير مفيد.
فلو كان الأمر كما زعمه، لزم منه جواز إجارة بيت الله الحرام والمساجد مع عدم المزاحمة للحاج والمصلي; فإن الإجارة واقعة على الوقف العام، والمقتضي فيها - على زعمه - موجود، وعنوان «بيت الله» وكذا «المسجد» غير مانع، وإلا لم تجز الإجارة حتى مع عدم إمكان الانتفاع ما دام العنوان باقيا، وإنما