إذ وصفها بأنها حبس ومنقطعة عن غيرها; فإن قوله (عليه السلام): «بتا بتلا مبتوتة» تأكيد بعد تأكيد بأن الوقف منقطع عن غيره، ولا مالك له، والحمل على الانقطاع عن الواقف كما حمل عليه صاحب الجواهر (قدس سره) (1)، لا وجه له، مع أنه خلاف ظاهره وإطلاقه.
فذكر هذه الأوصاف للامتياز بين هذه الصدقة وغيرها; مما لا يكون محبوسا ولا مقطوعا عن غيره بنحو الإطلاق، وإلا فالمقطوعية عن المتصدق تشترك فيها جميع الصدقات، وإنما تمتاز هذه الصدقة عن غيرها بمقطوعيتها عن الغير مطلقا، فتدل الرواية على المطلوب.
وكذا صحيحة أيوب بن عطية، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في كيفية وقف أمير المؤمنين (عليه السلام) عين ينبع، حيث قال: «هي صدقة بتة بتلا» (2).
بل الظاهر من رواية عجلان أبي صالح ورواية ربعي بن عبد الله أن الوقف ليس تمليكا على الموقوف عليه:
ففي الأولى: أملى أبو عبد الله (عليه السلام): «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما تصدق به فلان بن فلان وهو حي سوي، بداره التي في بني فلان بحدودها، صدقة لاتباع ولا توهب، حتى يرثها وارث السماوات والأرض، وأنه قد أسكن صدقته هذه فلانا وعقبه، فإذا انقرضوا فهي على ذوي الحاجة من المسلمين» (3).