أن إطلاق «الصدقة» على الوقف أعم من الحقيقة، وأصالة الحقيقة إنما تجري في الموارد التي شك في المراد بعد معلومية الموضوع له، وأما مع العلم بالمراد والشك في الحقيقة، أو في الإطلاق الحقيقي، فلا مجرى لها، كما هو واضح.
مع أن الوقف إذا لم تقصد به القربة ليس صدقة، بل معنى الوقف غير معنى الصدقة لغة وعرفا; فإن الصدقة ما يقصد به الله، والوقف لا يشترط فيه القربة، فليس كل وقف صدقة، والتفصيل بين ما كان صدقة وغيرها، لا يرضى به القائل أيضا، مع ظهور فساده.
وبالجملة: إن تمامية البرهان موقوفة على أن كل وقف صدقة، وكل صدقة توجب الملكية، مع أن كلية الصغرى ممنوعة بلا إشكال; لعدم اعتبار قصد القربة في الوقف، مع اعتباره في الصدقات، والتفصيل في الوقف الخاص أو العام بين القسمين، باطل جزما.
وتوهم: أنه إذا حصل الملك في الصدقة، نستكشف الملكية في القسم الآخر; للجزم بعدم الفرق.
مدفوع: بإمكان العكس; بأن يقال: إذا كان قسم منه لا يوجب الملكية بحسب الاعتبار العقلائي وسائر ما تقدم، يستكشف منه عدم الملكية في القسم الذي هي صدقة.
مع إمكان أن يقال: إن ما تمسك بها من الروايات لإثبات الملكية، تدل على عدمها، ففي صحيحة عبد الرحمان بن الحجاج الحاكية لوصية الكاظم (عليه السلام): «تصدق موسى بن جعفر بصدقته هذه وهو حي صحيح صدقة حبسا، بتا بتلا مبتوتة، لا رجعة فيها ولا رد...» (1).