الفصل الثاني: بيت الأحزان كلمات (فضل الله) قال في جوابه الثالث: (إن هناك أحاديث كثيرة تتحدث عن بيت الأحزان وتختلف في مضامينها ولكنها تلتقي بفكرة واحدة وهي أن الزهراء كانت تعيش مع النبي صلى الله عليه وآله كما تعيش الام مع ولدها والبنت مع أبيها والصديقة مع صديقها...).
* * * وحديثه هذا دليل آخر على أنه (ركب المغمضة) وتقول بغير علم، فهو يتحدث عن وجود روايات كثيرة عن بيت الأحزان، ولكن بعد الرجوع إلى مصادرنا الروائية لم نعثر حتى على رواية واحدة منسوبة إلى أحد المعصومين عليهم السلام! وإنما جاء ذكر بيت الأحزان مرة واحدة في كتاب بحار الأنوار ضمن قصة شهادة الزهراء عليها السلام، وهي منسوبة إلى فضة خادمة الزهراء عليها السلام، وقد قدم المجلسي (رضوان الله عليه) لهذه القصة بقوله:
(وجدت في بعض الكتب خبرا في وفاتها عليها السلام فأحببت إيراده وإن لم آخذه من أصل يعول عليه) (1)، وسواء ثبتت هذه القصة أم لا فإنها لا تتنافى مع ما استفاض عن أحزان الزهراء عليها السلام وبكائها.
نعم، ورد ذكر بيت الأحزان في بعض مصادر أهل السنة إلا انه ليس فيها أي تعرض لذكر رواية أو حديث - ولا نريد بالطبع أن نحصر الحقائق التاريخية بالروايات فقط -، ومن تلك المصادر ما ذكره نور الدين علي بن القاضي عفيف الدين عبد الله بن أحمد بن علي بن عيسى الحسني المعروف بالسمهودي الشافعي مفتي المدينة المنورة ونزيلها المتوفى سنة 911 ه في كتابه (وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى) حيث كتب في بيان المشاهد المعروفة اليوم بالبقيع وغيره من المدينة المشرفة ما يلي:
(ومنها: مشهد سيدنا إبراهيم بن سيدنا رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم، وقبره على نعت قبر الحسن والعباس، وهو ملصق إلى جدار المشهد القبلي، وفي هذا الجدار شباك، قال المجد: وموضع تربته يعرف ببيت الحزن، يقال: إنه البيت الذي أوت إليه فاطمة رضي الله عنها، والتزمت الحزن فيه بعد وفاة أبيها سيد المرسلين صلى الله عليه (وآله) وسلم، انتهى.
والمشهور ببيت الحزن إنما هو الموضع المعروف بمسجد فاطمة في قبلة مشهد الحسن والعباس، وإليه أشار ابن جبير بقوله: ويلي القبة العباسية بيت لفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلم، ويعرف ببيت الحزن، يقال: إنه الذي أوت إليه والتزمت الحزن فيه عند وفاة أبيها صلى الله عليه (وآله) وسلم، انتهى) (2).