مصيبة، ولا على أهله عار وشنار ولا حجة فيه لمخالف لدين الاسلام إلا ما لحق فاطمة حتى مضت غضبي على أمة أبيها ودعاها ما فعل بها إلى الوصية بأن لا يصلي عليها أحد منهم فضلا عما سوى ذلك لكان عظيما فظيعا، منبها لأهل الغفلة إلا من قد طبع الله على قلبه وأعماه، لا ينكر ذلك ولا يستعظمه ولا يراه شيئا بل يزكي المضطهد لها إلى هذه الحالة، ويفضله عليها وعلى بعلها وولدها ويعظم شأنه عليهم، ويرى أن الذي فعل بها هو الحق ويعده من محاسنه، وأن الفاعل له بفعله إياه من أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وقد قال الله عز وجل: (فإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (1).
الروايات المحددة لسبب مرض الزهراء:
غير أنه توجد هناك روايات أخرى كثيرة تذكر اعتداء القوم عليها - وقد مرت في الأبحاث السابقة - وبعض تلك الروايات يحصر السبب في مرضها ووفاتها في هذا الاعتداء، ومن ذلك:
أ - ما رواه الطبري في (دلائل الإمامة) بإسناده إلى محمد بن عمار بن ياسر قال: سمعت أبي يقول: (... وحملت بمحسن فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وجرى ما جرى في يوم دخول القوم عليها دارها وإخراج ابن عمها أمير المؤمنين عليه السلام وما لحقها من الرجل، أسقطت به ولدا تماما، وكان ذلك أصل مرضها ووفاتها) (2).
ب - ما رواه الطبري أيضا في كتابه بإسناده إلى أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (... وكان سبب وفاتها أن قنفذا مولى الرجل لكزها بنعل السيف بأمره وأسقطت محسنا ومرضت من ذلك مرضا شديدا) (3).
ولا يخفى على من يلاحظ الطوائف السابقة ما يجده فيما بينها من التوافق والترابط، فالطائفة الدالة على إخبار النبي صلى الله عليه وآله بما سيحل عليها من المصائب منسجمة مع الطائفة الدالة على مرضها، وهذه متوافقة مع روايات الاعتداء والشهادة أشد الارتباط والتوافق وكأنها نسيج واحد.
ونظرة إجمالية في كل ما سبق تستوجب يقين النفس بأن الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام من أدلة هو أنسب تفسير لمرض مولاتنا الزهراء عليها السلام وخصوصا إنه لم ينقل لنا أي واحد سواء من الشيعة أو السنة سببا وجيها في مرضها ووفاتها في هذه السن المبكرة.