أحدهما: إن مقتضى الاخبار الواردة والعلم الخارجي أنها طاهرة مطهرة لا تستحيض، فما معنى أمر النبي صلى الله عليه وآله لفاطمة أن تقضي صومها ولا تقضي صلاتها إذا انقطع حيضها أول يوم من شهر رمضان وصارت مستحاضة؟ وثانيهما: إن اشتراط صحة صلاة المستحاضة بالاتيان بوظيفتها - أعنى الأغسال الثلاثة - مما كاد يكون من المسائل الضرورية فما معنى قوله صلى الله عليه وآله: (لا تقضي صلاتها) (1).
وانظر إلى قول السيد الخوئي (قدس سره): (إن مقتضى الاخبار الواردة والعلم الخارجي أنها طاهرة مطهرة لا تستحيض)، تدرك أن مسألة طهارة الزهراء مما حصل فيه العلم والقطع وليست مسألة احتمالية قابلة للبحث والنقاش بحيث يختار الفرد أحد الاحتمالين والوجهين.
مناقشة العلامة الخواجوئي:
واعتراض العلامة الخواجوئي وإن كان حول حديث زرارة المروي في الكافي ولكن فيه وجوها مشتركة مع رواية علي بن مهزيار في الفقيه، ولذا سنجيب عما بينهما من الوجوه المشتركة وكذلك ما تختص به كل رواية من مناقشة.
الأجوبة المشتركة على روايتي الكافي والفقيه أما أولا: فقد ذهب بعض العلماء إلى احتمال أن يكون المراد من فاطمة غير بنت النبي صلى الله عليه وآله بأن تكون فاطمة بنت أبي حبيش التي كانت مشتهرة بكثرة الاستحاضة والسؤال عن مسائلها، فتوهم بعض الرواة أو النساخ أنها فاطمة الزهراء عليها السلام فأضاف كلمة (عليها السلام) إلى متن الرواية.
يقول ابن الأثير في ترجمتها: (فاطمة بنت أبي حبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزى القرشية الأسدية، وهي التي سألت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم عن الاستحاضة) (2).
وقال المزي عنها: (روت عن النبي (د س) حديث الاستحاضة. روى عنها عروة بن الزبير (د س)، وقيل عن عروة (ع)، عن عائشة أن فاطمة بنت أبي حبيش قالت: يا رسول الله إني أستحاض فلا أطهر) (3). وقد روى الطبراني في معجمه روايات كثيرة تشهد على كثرة حيضها واستحاضتها. (4) وقد ذكر هذا الاحتمال أعاظم الطائفة وأجلائها، من أمثال:
الفيض الكاشاني (المتوفى سنة 1091 ه) في (الوافي)، وتبعه على ذلك الشيخ يوسف البحراني في (الحدائق الناضرة)، والشيخ مرتضى الأنصاري في (الطهارة)،