فينبغي للمتدين أن يجتنب العمل بكل ما فيه، ولا يعول على جملته والتقليد لروايته، وليفزع إلى العلماء فيما تضمنه من الأحاديث ليوقفوه على الصحيح منها والفاسد، والله الموفق للصواب) (1). وتبعه على ذلك الشهيد الثاني زين الدين الجبعي العاملي (المتوفى سنة 965 ه) (2).
الوجوه التي طعن فيها بالكتاب ومناقشتها:
ويبدو أن منشأ الشك في صحة كتاب سليم بن قيس يعود إلى ثلاثة وجوه ذكرها السيد الخوئي في معجمه، أنقلها عنه باختصار:
(الوجه الأول: انه موضوع وعلامة ذلك اشتماله على قصة وعظ محمد بن أبي بكر أباه عند موته مع أن عمر محمد وقتئذ كان أقل من ثلاث سنين، واشتماله على أن الأئمة ثلاثة عشر.
ويرد على هذا الوجه أولا انه لم يثبت ذلك والسند في ذلك ما ذكره ابن الغضائري، وقد تقدم غير مرة: انه لا طريق إلى إثبات صحة نسبة الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري، كيف وقد ذكر صاحب الوسائل في ترجمة سليم بن قيس: (والذي وصل إلينا من نسخة الكتاب ليس فيه شيء فاسد ولا شيء مما استدل به على الوضع، ولعل الموضوع الفاسد غيره وكذلك لم يشتهر ولم يصل إلينا)، انتهى.
وقال الميرزا في رجاله الكبير: (ان ما وصل إلي من نسخة هذا الكتاب، المذكور فيه ان عبد الله بن عمر وعظ أباه عند الموت وأن الأئمة ثلاثة عشر مع النبي صلى الله عليه وآله، وشئ من ذلك لا يقتضي الوضع)، انتهى.
وقال الفاضل التفريشي في هامش النقد: (قال بعض الأفاضل: (رأيت فيما وصل إلي من نسخة هذا الكتاب ان عبد الله بن عمر وعظ أباه عند موته وان الأئمة ثلاثة عشر من ولد إسماعيل وهم رسول الله صلى الله عليه وآله مع الأئمة الاثني عشر ولا محذور في أحد هذين)، انتهى.
وإني لم أجد في جميع ما وصل إلي من نسخ من هذا الكتاب إلا كما نقل هذا الفاضل والصدق مبين في وجه أحاديث هذا الكتاب من أوله إلى آخره، فكان ما نقل ابن الغضائري محمول على الاشتباه)، انتهى كلام الفاضل التفريشي.
ثم ذكر السيد الخوئي روايات عديدة للتدليل على صحة ما ذكره صاحب الوسائل والفاضلان التفريشي والاسترابادي، ثم قال: (وبما ذكرناه يظهر أن ما نسبه ابن الغضائري إلى كتاب سليم بن قيس من رواية ان الأئمة ثلاثة عشر لا صحة له، غاية الامر ان النسخة التي وصلت إليه كانت مشتملة على ذلك، وقد شهد الشيخ المفيد ان في النسخة تخليطا وتدليسا، وبذلك يظهر الحال فيما ذكره النجاشي في ترجمة هبة الله