وحتى تعرف الفرق بين العالم الحقيقي ومدعى العلم.. تكفيك المقارنة بين القولين لتميز بين السفاهة والفقاهة (حسبما عبر أستاذنا الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله)، وتعلم بعدها من أين تأخذ دينك وأي الآراء يجوز نسبته لفقه آل محمد!
هذا وقد أورد ابن قولويه رواية بسندين أحدهما صحيح بالاتفاق والاخر صحيح على مبنى من يوثق محمد بن سنان كالامام الخميني والعلامة المامقاني، فقد روى عن محمد بن جعفر القرشي الرزاز، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن أبي سعيد القماط، عن عمر بن يزيد بياع السابري، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن أرض الكعبة قالت: من مثلي وقد بنى الله بيته على ظهري ويأتيني الناس من كل فج عميق، وجعلت حرم الله وأمنه؟! فأوحى الله إليها أن كفي وقري، فوعزتي وجلالي ما فضل ما فضلت به فيما أعطيت به أرض كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غمست في البحر فحملت من ماء البحر، ولولا تربة كربلاء ما فضلتك، ولولا ما تضمنته أرض كربلاء لما خلقتك ولا خلقت البيت الذي افتخرت به، فقري واستقري وكوني دنيا متواضعة ذليلا مهينا غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء وإلا سخت بك وهويت بك في نار جهنم) (1).
سيادة مريم والزهراء كسيادة الحسنين!
وعودا على ما سبق فإن فضل الله لكي يرفع فتيل التوتر بين الزهراء ومريم عليها السلام قال بأنهما معا سيدتا نساء العالمين كما أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة! وهو بهذا القول كشف عن قصور نظره وضعف قدرته في فهم المطالب العلمية فأوقع نفسه في مغالطة لا أظن أن إنسانا عاديا يود أن يقع فيها. فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وآله عندما قال: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) جعل الحسنين في منزله واحدة من ناحية سيادة الجنة من دون أي مفاضلة بينهما، بينما الأحاديث الواردة في فاطمة الزهراء عليها السلام تصرح بأنها أفضل من مريم عليها السلام من ناحية السيادة، ومعه فلا يصح جعل النص الدال على التفضيل في رتبة واحدة مع النص الدال على التساوي.
أفضلية فاطمة من أدلة أخرى على أنه لو لم يرد في أحاديثنا وأقوال علمائنا ما يحكي الاتفاق على أنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين لصح لنا الجزم أيضا بأفضليتها على جميع النساء بما في ذلك مريم عليها السلام وذلك من خلال روايات أخرى، منها:
أ - حديث الكفؤ:
قال السيد الخوئي في ترجمة فاطمة الزهراء عليها السلام من معجمه: (هي معصومة بضرورة مذهبنا، ولولا علي لما وجد لها كفؤ، لأنها سيدة نساء العالمين على ما نطقت به الروايات من الفريقين) (2).