وقد ارتكب (فضل الله) مغالطة مكشوفة حينما قال في العدد 57 من نشرة (فكر وثقافة) أنه مع عدم وجود مصحف فاطمة بين أيدينا فلا ثمرة من البحث والنقاش حول ما يحويه وذلك لأننا نلتزم في ديننا أصولا وفروعا بما روي عن المعصومين عليهم السلام، ومع إخبارهم وتحديدهم لمضمون المصحف - ووفقا للأدلة في السند والمتن - بأمر دون آخر فلا وجه أساسا للتقليل من قيمة البحث حول مضمون مصحف فاطمة بحجة عدم وجوده عندنا.
النتيجة في أحاديث محتوى مصحف فاطمة وبعد هذا كله فالحديث الأول الذي رواه الكليني والصفار بسند صحيح يؤكد على أن مضمون مصحف فاطمة عليها السلام هو موضع النبي صلى الله عليه وآله وحاله وما يكون في ذرية فاطمة من بعدها، والحديث الثامن الصحيح على رأي الامام الخميني والعلامة المامقاني وآخرين يدل على أن فيه بعض المسائل التاريخية كأسماء من يملك، ويضاف إليهما عدة روايات تعضد بعضها وتؤكد أن مصحف فاطمة عليها السلام يحتوي على ما يكون من حادث وأسماء من يملك كالحديث الثاني والثالث والسادس، أما الحديث التاسع فهو أكثر تلك الأحاديث توسعة في مضمون ومحتوى مصحف فاطمة عليها السلام.
ثم إن هذا الاختلاف في الأحاديث حول سعة مصحف فاطمة عليها السلام لا يمكن أن يخلق تعارضا بينها كما يحاول (فضل الله) إظهاره في جوابه السادس لان التعارض - كما قلنا - إنما يحصل إذا كان هناك تناف وتكاذب بين الدلالتين أو المدلولين على مستوى الاثبات أو النفي، أما إثبات رواية لامر وإثبات رواية أخرى أمرا آخر إلى جنب الأمر الأول فلا يتسبب في إيجاد التعارض، وكلمة (فقط) التي ذكرها (فضل الله) غير موجودة في الروايات حتى يقال بوجود التعارض كما يحاول الايحاء إليه، وإنما هي من وضعه هو فقط!
كما أن (فضل الله) عندما اعتبر أن رواية أبي عبيدة تقصر محتوى مصحف فاطمة عليها السلام بما يكون في ذريتها وأن ذلك يتعارض مع التوسعة الموجودة في رواية حماد بن عثمان التي تتحدث عن ظهور الزنادقة فاته أنه لم يعتبر أن ما اختاره من احتواء مصحف فاطمة عليها السالم على مسائل الحلال والحرام متعارضا مع التوسعة الموجودة في رواية سليمان بن خالد التي تذكر أن وصية فاطمة عليها السلام هو ضمن مصحفها! (1).
هذا بالإضافة إلى أن رواية أبي عبيدة لم تقصر أمر محتوى مصحف فاطمة عليها السلام بما يكون في ذريتها بل أخبرت عن موضع النبي صلى الله عليه وآله ومكانه ومنزلته في الجنة. نعم،