وخلاصة القول فإنه لا يكفي للقول بأن فاطمة عليها السلام هي أول مؤلفة وكاتبة في الاسلام الاستدلال بعدم وجود المانع كما يشير إليه فضل الله في جوابه السادس، بل لابد من وجود الدليل، وفضل الله لا يملك حتى وجود رواية واحدة ضعيفة لكي يبرر بعد ذلك رأيه بمبناه من كفاية عدم وجود ما يدعو إلى الكذب في وثاقة الخبر، والغريب أن فضل الله كان قد أكد مرارا للتشكيك في شهادة الزهراء على مقولة (إنه لا يملك دليلا على النفي لكنه لم يجد د ليلا على الاثبات)، فلماذا لم يلتزم بمقولته التي استخدمها للتشكيك هنا في التشكيك هنا فيما يدعيه أن فاطمة الزهراء عليها السلام هي التي كتبت مصحف فاطمة؟!
هل أنزل مصحف فاطمة مكتوبا؟!
نعم وردت رواية واحدة في دلائل الإمامة يدل ظاهرها على أن مصحف فاطمة قد أنزل مكتوبا من السماء إلى الزهراء عليها السلام، فقد روى الطبري الامامي عن أبي الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو ع لي محمد بن همام، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حمدان، قال: حدثني علي بن سليمان وجعفر بن محمد، عن علي بن أسباط، عن الحسين بن أبي العلاء وعلي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام عن مصحف فاطمة فقال: (انزل عليها بعد موت أبيها...، فلما أراد الله أن ينزله عليها أمر جبرائيل وميكائيل وإسرافيل أن يحملوا المصحف فينزلوا به عليها، وذلك في ليلة الجمعة من الثلث الثاني من الليل، هبطوا به عليها وهي قائمة تصلي، فما زالوا قياما حتى قعدت، فلما فرغت من صلاتها سلموا عليها، وقالوا: السلام يقرئك السلام، ووضعوا المصحف في حجرها، فقالت: الله السلام، ومنه السلام، وإليه السلام، وعليكم يا رسل الله السلام.
ثم عرجوا إلى السماء فما زالت من بعد صلاة الفجر إلى زوال الشمس تقرأه حتى أتت عليه على آخره. ولقد كانت طاعتها مفروضة على جميع من خلق الله من الجن والانس، والطير والبهائم، والأنبياء والملائكة. فقلت: جعلت فداك، فلما مضت إلى من صار ذلك المصحف؟ فقال: دفعته إلى أمير المؤمنين، فلما مضى صار إلى الحسن ثم إلى الحسين، ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب هذا الامر (1).
ومع غض النظر عن ضعف سندها كما سيأتي في فصل محتوى مصحف فاطمة فإنه لا منافاة بين كتابة أمير المؤمنين عليه السلام لما كان يميله جبرائيل عليه السلام على الزهراء عليها السلام وبين نزول المصحف من السماء إليها، إذ لعله كان مكملا لما كتبه أمير المؤمنين عليه السلام، أو لعله كان مطابقا لما كتبه أمير المؤمنين أنزل عليها إتحافا وإكراما لتقرأه بصورة مجموعة، وقد دلت صحيحة أبي عبيدة السابقة أن نزول جبرائيل عليها السلام كان متكررا خلال الفترة التي