إنكار وتشويه...!
ولكن مؤلف (هوامش نقديه) سعى إلى إنكار أمر والتشويه على أمر آخر من كلام الشيخ كاشف الغطاء (قدس سره)، فقد أنكر أن يكون في كلامه ما يشير إلى تحقق الاجماع حول ما جرى على الزهراء سلام الله عليها، فقد قال: (أما دعوى الاجماع الذي ذكرها الشيخ كاشف الغطاء كما يقول مرتضى العاملي فلا عين لها ولا أثر في كلماته) (1).
ولكن من يراجع عبارة كاشف الغطاء يجد فيها ذلك، إذ ليست هناك خصوصيه لاستخدام لفظ الاجماع بل يتحقق بكل لفظ يؤدي معناه، ومما يشهد بهذا المعنى قوله: (طفحت واستفاضت كتب الشيعة... كل كتب الشيعة... أطبقت كلمتهم تقريبا أو تحقيقا في ذكر مصائب تلك البضعة الطاهرة، إنها بعد رحله أبيها المصطفى ضرب الظالمون وجهها... ثم أخذ شعراء أهل البيت عليهم السلام هذه القضايا والرزايا، ونظموها في أشعارهم ومراثيهم وأرسلوها إرسال المسلمات)، ففي كلامه إقرار بالاستفاضة في كل كتب الشيعة بل إطباق الكلمة وإرسال شعراء أهل البيت عليهم السلام ذلك إرسال المسلمات، وهو وإن قال: (أطبقت كلمتهم تقريبا أو تحقيقا)، ولكن مع ملاحظة قوله: (كل كتب الشيعة) يعلم إنه لم يكن مخالف في البين، والاطباق التقريبي لا يعني وجود المخالف بالضرورة إذ قد يشمل عدم التعرض لذلك أيضا وكما فعل ذلك الأربلي على سبيل المثال في كشف الغمة، وقد ذكرنا أنه كان يستخدم التقية في كتابه.
ثم لو افترضنا أن كلام كاشف الغطاء لا يدل على تحقق الاجماع فإن هذا لا يقلل من قيمه الاستفاضة، وهو أقل ما يمكن أن يكون مستفادا من كلامه، وقد مر بنا في مبحث منزله الزهراء سلام الله عليها إلى أن السيد الخوئي ذهب إلى توثيق عبد الله بن عباس لمجرد استفاضة الاخبار المادحة له مع إقراره بأن جميع الروايات المادحة ضعيفه سندا.
ضابطه قبول المستفيض:
قال مؤلف هوامش نقديه: (هذا على أن استفاضة ومشهورية الاخبار لا تعني بالضرورة قبولها بلا مناقشة وإلا لزم قبول الروايات المستفيضة التي تحدثت عن تحريف القرآن الكريم، وهي روايات بلغت من الشهرة أن رواها السنة والشيعة، فهل يلتزم به السيد المرتضى؟! أرجو أن لا يضطر منهج السيد مرتضى قبوله بهذه الاخبار!) (2).
وهذا الاعتراض في غاية الوهن، لان المناط في الاخذ بالمستفيض لما يبعث على الاطمئنان بصحة مضمون ما ورد وإن كان بأسانيد ضعيفه، ونفس الامر ينطبق بالنسبة للتواتر فإنه لو فرضنا أن الأحاديث المادحة لأبي بكر وعمر قد بلغت حد الاستفاضة أو التواتر فهذا لا يعني قبولها لأنه قد حصل العلم ومن خلال أدله أخرى واضحه ونصوص صحيحه كثيره أن واقع أمرهما ليس كذلك، فينتفي تحقق العلم والاطمئنان