إن مسألة مجيء جبرائيل لشخص ليست مسألة بسيطة، فلا يظن أن جبرائيل قد هبط أو يمكن أن يهبط لكل فرد، فإن هذا يستلزم تناسبا ما بين روح ذلك الشخص الذي سيهبط عليه جبرائيل وبين مقام جبرائيل الذي هو الروح الأعظم...، وكان مثل هذا التناسب متحققا بين جبرائيل الذي هو الروح الأعظم وبين الأنبياء ذوي الدرجة الأولى مثل رسول الله وموسى وعيسى وإبراهيم وأمثالهم، ولم يكن هذا قد حصل لكل الافراد ولم يقع بعد ذلك لشخص آخر، بل إنني لم أر حتى في حق الأئمة أن جبرائيل قد نزل عليهم بهذا الشكل، وكل ما شاهدته أنه نزل على الزهراء عليها السلام فقط وبشكل متكرر خلال هذه الخمسة والسبعين يوما، وكان يحدثها بما سيجري على ذريتها...، وعلى كل حال فإنني أعد هذا الشرف وهذه الفضيلة أعظم من جميع الفضائل التي ذكروها للزهراء رغم إنها فضائل عظيمة، حيث إنه لم تقع مثل هذه الفضيلة لغير الأنبياء عليهم السلام بل إنها لم تقع لكل الأنبياء، بل للطبقة الرفيعة من الأنبياء عليهم السلام ولبعض الأولياء الذين هم في رتبتهم) (1).
وهكذا نلاحظ أن الامام الخميني (رضوان الله تعالى عليه) دفعا لشبهة استلزام تحدث جبرائيل لشخص ما للنبوة أشار لمسألة نزول الاحكام وإن هذا مختص بالنبي وانتهى بموته، وهو في هذا قريب من رأي العلامة المجلسي.
الفرق بين النبي والمحدث وقد أورد الشيخ الكليني في الكافي بسند صحيح عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن الأحول، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرسول والنبي والمحدث، قال: (الرسو الذي يأتيه جبرائيل قبلا فيراه ويكلمه فهذا الرسول، وأما النبي فهو الذي يرى في منامه نحو رؤيا إبراهيم ونحو ما كان رأى رسول الله صلى الله عليه وآله من أسباب النبوة قبل الوحي حتى أتاه جبرائيل عليه السلام من عند الله بالرسالة، وكان محمد صلى الله عليه وآله حين جمع له النبوة وجاءته الرسالة من عند الله يجيئه بها جبرائيل ويكلمه بها قبلا، ومن الأنبياء من جمع له النبوة ويرى في منامه ويأتيه الروح ويكلمه ويحدثه، من غير أن يكون يرى في اليقظة، وأما المحدث فهو الذي يحدث فيسمع، ولا يعاين ولا يرى في منامه) (2).
رأي العلامة المجلسي:
وقد عقب المجلسي على هذا الحديث بقوله: (واعلم أن تحقيق الفرق بين النبي والامام عليهما السلام واستنباطه من تلك الاخبار لا يخلو من إشكال، وكذا الجمع بينهما وبين سائر الاخبار التي سيأتي بعضها وأوردنا أكثرها في كتاب البحار، في غاية الاشكال، والذي ظهر لي من أكثرها هو أن الامام لا يرى الحكم الشرعي في المنام، والنبي قد يراه