دون التزام بكل ما ورد فيها لأنها من رواية الخصم، وهذا أسلوب دارج وشائع في الكتب الاحتجاجية ولا أظن أن مثل هذا يخفى على مؤلف الهوامش، فما الغرض من إيراد مثل هذا الاعتراض التافه؟ وما هو إلا (بقبقة في زقزقة).
ومن تحميلات مؤلف (هوامش نقدية) الأخرى قوله أنه يشم من نقل السيد جعفر مرتضى لبعض الموارد أنه يخالف ما عليه جمهور المؤرخين من امتناع علي عليه السلام عن بيعة أبي بكر، ذلك الامتناع الذي ينتهي أجله بعد وفاة السيدة الزهراء عليها السلام أو بعد ستة أشهر (1).
وبعد الرجوع إلى المصدر الذي نقل منه السيد جعفر مرتضى أي رواية سليم بن قيس كان النص الوارد في الرواية كالآتي: (... ثم قال: قم يا بن أبي طالب فبايع، فقال عليه السلام: فإن لم أفعل، قال: إذا والله تضرب عنقك، فاحتج عليهم ثلاث مرات، ثم مد يده من غير أن يفتح فضرب عليها أبو بكر ورضي بذلك منه) (2).
وهذا النقل يدل على أنه لم تكن البيعة عن رضا بل وقعت عن إكراه وتحت وطأة السيف، وأن البيعة كانت أقرب إلى الصورية حتى أن الامام عليه السلام لم يفتح يده للبيعة بل رضي أبو بكر بضرب يده على يد الامام عليه السلام المقبوضة. والعجيب أن مؤلف الهوامش يذكر هذا الاعتراض وهو يعترف بأن جمهور المؤرخين قد اختلفوا في تاريخ البيعة، فمنهم من ذهب إلى أنها كانت بعد وفاة الزهراء عليها السلام، والبعض الاخر إلى أنها وقعت بعد ستة أشهر من وفاة الرسول صلى الله عليه وآله. ومؤلف الهوامش لم يحدد مقصوده من المؤرخين، هل يعني بهم أهل العامة أم الخاصة، وإن كان البادي للنظر أنه يقصد الأول فإن ذكر هذين التاريخين مذكور في كتبهم وذهب لكل رأي طائفة منهم، علما بأن بعضهم ذهب إلى أن البيعة تمت طواعية قبل وفاة الزهراء عليها السلام (3).
فما المانع من إضافة رأي رابع في المقام من أهل الخاصة وهو أن البيعة كانت بعد الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام عن إكراه وبشكل صوري؟ وكيف يعترض مؤلف الهوامش على نص رواية سليم بن قيس وفيها أن البيعة تمت كراهية لمجرد وجود اختلاف في تاريخ البيعة عما عليه جمهور المؤرخين من أهل السنة ولا يعترض على بيعته لأبي بكر طواعية لما كان في ذلك من المصلحة التي رآها؟ فإن الذين يذهبون إلى أن بيعة الامام علي عليه السلام كانت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله بستة أشهر أو بعد وفاة الزهراء عليها السلام يتفقون في أن البيعة وقعت طواعية من غير إكراه. هذا وقد ذهب بعض المحققين إلى أن الامام علي عليه السلام لم يبايع أبا بكر طواعية بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله، والبحث موكول إلى محله.