المبحث الثاني: من هم خصوم (فضل الله)؟
ويعتبر هذا المحور من المسائل الغريبة والمثيرة، لان (فضل الله) قد اتهم مخالفيه في الرأي بأنواع التهم وشوش صورة خصومه وأظهرهم في قالب سئ، بينما برأ ساحته من كل نقص. فنحن نلاحظ إنه أخذ يكيل التهم لمن اعترض على كلامه دفاعا عن ظلامة آل محمد صلى الله عليه وآله، وقد أخذت تلك الاتهامات حجما معتدا به من مجموع ردوده، ويلاحظ أن أغلبها لم يحدد فيها ذكر طائفة معينة من خصومه ومخالفيه بل كانت مطلقة ومن غير تحديد.
وبما أن ذكرها جميعا - لكثرتها - قد يضيع علينا ما نريد التوصل إليه فقد آثرنا أن نبوبها ثم نعلق عليها بما يناسبها، فمن تلك التهم:
أ - عدم التقوى قال في جوابه الأول: (وإن إثارة العامة بالوسائل الغوغائية لا يمكن أن يخضع لتقوى الله، وأتصور إن حرصنا على مصلحة الاسلام الحق في خط أهل البيت عليهم السلام، أقوى من كل الكلمات التي لا تخاف الله).
وقال في جوابه الثاني: (وإني أدعو الجميع أن يتقوا الله في الاسلام والمسلمين وأن يعالجوا القضايا التي قد تثار في مثل هذه الأمور بالطريقة المسؤولة).
وقال في جوابه الرابع: (ولكن بعض الناس حاولوا أن يثيروا هذه المواضيع بعيدا عن تقوى الله).
ونحن نقول ل (فضل الله) باختصار:
إن مقتضى تقوى الله والحرص على الا سلام هو عدم إثارتك لهذه القضايا الحساسة بالشكل الذي يمس مقدسات الشيعة ويطعن في عقائدهم، خاصة في مثل هذه الظروف التي تتحدث عنها. ثم مقتضى تقوى الله أن تعتذر عن ذلك وتعترف بالخطأ وعدم الاطلاع، لا أن تتهم المؤمنين الذين هبوا للدفاع عن حريم المقدسات وعن ساحة الصديقة الزهراء عليها السلام وترميهم بعدم التقوى.
وللأسف فلم يقتصر طعن (فضل الله) بعدم التقوى والخروج عن العدالة في من خالفه بعوام الناس فقط، بل امتد ليشمل مراجع الدين العظام!
فقد قال في بيانه الذي أصدره بتاريخ 18 جمادى الأولى 1418 ه: (... ولم يتصل بي أحد من هؤلاء لا سيما المراجع، ولم يسألني أحد منهم عن طبيعة هذه الأمور مما يجعل المسألة في الكلمات الصادرة عنهم بعيدة عن التثبت في الحكم ومبنية على الحمل على الأسوء وعدم الاخذ بقواعد الحجية في السند وفي المتن أو القضاء!... إني أوكل الامر إلى الله فهو الذي يحاسبهم على هذا الكلام الذي لا ينطق من التقوى...) (1).