يكسر؟ ويشتم هذا ذاك، ويرد هذا على ذاك. هي قضية تاريخية اختلف فيها المؤرخون، فمن آمن بها واقتنع فله أجر ما اجتهد، ومن لم يؤمن بها واقتنع فله أجر في ذلك، ومن أثار علامة استفهام فله عذره في ذلك،... هناك حق في العقيدة لابد أن نقف عنده، هناك حق في التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد واليوم الاخر وعلينا أن نركز أصولنا العقيدية، أما في الفروع والتفاصيل فإن من اجتهد فأصاب فله أجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد).
أول ما يلفت انتباهنا في كلام (فضل الله) أنه قد أوقع نفسه في مغالطة واضحة، فقد خلط بين مسائل ثلاثة، وهي:
1 - المسائل التي تؤثر على أصل العقيدة بالاسلام.
2 - المسائل المهمة التي يعتبر إنكارها انحرافا عن المذهب.
3 - المسائل العادية التي لا يؤثر إنكارها أو إثباتها على الاعتقاد بالاسلام أو بالمذهب.
أما في القسم الأول فقد اختلف فقهاء الشيعة في موجب الكفر والارتداد، فمنهم من قال أنه من أنكر ضروريا من ضروريات الدين، ومنهم من ذهب إلى انه من أنكر الضروري واستلزم إنكاره للضروري إنكار الألوهية والرسالة، ومع اختلافهم هذا فإننا لم نشهد أحدا منهم اعتبر إنكار ضرب الزهراء عليها السلام وإسقاط جنينها وما شاكل ذلك إنكارا للضروري من الاسلام، إلا أن هذا لا يقلل من أهمية هذا البحث، فهو داخل ضمن القسم الثاني الذي يعني إنكاره انحرافا عن المذهب.
موقف الحوزة العلمية ولهذا نجد أن كبار مراجعنا اعتبروا كلام (فضل الله) في التشكيك في شهادة الزهراء عليها السلام وبقية المسائل العقائدية المرتبطة بالمذهب كلام ضال وحكموا عليه بأنه ضال مضل، كما أشار إلى ذلك آية الله العظمى الشيخ الوحيد الخراساني وآية الله العظمى الشيخ الميرزا جواد التبريزي (دام ظلهما) في خطابهم بمناسبة شهادة الزهراء عليها السلام بتاريخ 12 جمادى الأولى 1418 ه، وكان مما قاله الشيخ الوحيد الخراساني: (... إن جميع الآلام والمصائب منشؤها السفاهة، وعلاج جميع الأمراض هو الفقاهة، ولو أن البشر وصل للسفاهة ولو كان ذلك البشر تحت عمامة وذا لحية كثة، فإنه سيرى فاطمة الزهراء عليها السلام في مستوى امرأة عادية ويرى مقامها قابلا للنيل من قبل بقية النساء... وذلك لان من أوجب الواجبات عليكم جميعا في برهة الضلال الحالية، التي وقع فيها تضييع حقوق أحق أرباب الحقوق من قبل الله تعالى، أن تبذلوا قصارى جهدكم من الناحية الفكرية، وأن تكونوا علماء مقتدرين، وأن تصبحوا فقهاء في الدين ومبانيه وأئمته، وأن تنقذوا الناس وتنجوهم من هذه الضلالات الناجمة على أثر فتنة بعض المتلبسين بالعمامة المؤيدين من قبل ممالك الكفر في مقام الاخلال بأصول المذهب ومبانيه وأسسه، وذلك باستخدام حربة العلم والاستدلال الذي يخضع له كل مفكر غير متعنت في قبال الحق) (1).