الفص الأول: قيمة المعرفة عقد الشيخ الصدوق بابا خاصا في كتابه (عيون أخبار الرضا عليه السلام) تحت عنوان (ما جاء عن الرضا عليه السلام في الايمان وإنه معرفة بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان) أورد فيه ستة أحاديث بهذا المضمون، ونكتفي بذكر واحدة منها لما لها علاقة بمحل بحثنا في هذه المسألة.
قال الشيخ الصدوق: حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام بقم في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد البزاز، قال: حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان الغازي، قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عليهم السلام، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال:
حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (الايمان إقرار باللسان ومعرفة بالقلب وعمل بالأركان).
قال حمزة بن محمد العلوي (رضي الله عنه)، وسمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: وسمعت أبي يقول: وقد روى هذا الحديث عن أبي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، عن علي بن موسى الرضا عليه السلام مثله. قال أبو حاتم: لو قرئ هذا الاسناد على مجنون لبرأ (1).
وهذا الحديث يؤكد على أن قوام الايمان على ثلاثة أمور هي: التصديق والعقد القلبي، والاقرار أو التلفظ باللسان، والعمل.
ومما لا شك فيه أن الآيات والروايات قد أطبقت على ضرورة عدم الانفكاك بين الاعتقاد القلبي والعمل، قال تعالى: (ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى) (2)، وقال عز وجل: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم) (3)، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه قال: (الايمان ما وقر في القلوب وصدقته الاعمال) (4)، وروي عن أمير المؤمنين عليهم السلام أنه قال: (الايمان والعمل أخوان توأمان ورفيقان لا يفترقان، لا يقبل الله أحدهما إلا بصاحبه) (5)، واعتبرت بعض الروايات صدور العمل لا عن الاعتقاد الحق من النفاق. كما أكد القرآن الكريم أيضا