ويظهر من متن هذا الحديث وانتهاء السند فيه إلى إسماعيل الجعفي عن طريق أبان بن عثمان أن مصدر هذا الحديث والحديث السابق الذي رواه الشيخ الصدوق واحد.
ويؤيد ذلك ما رواه العياشي بإسناده إلى إسماعيل الجعفي عن الامام الباقر عليه السلام وجاء فيه: (فساهم عليها النبيون، فأصاب القرعة زكريا، وهو زوج أختها وكفلها وأدخلها المسجد، فلما بلغت ما تبلغ النساء من الطمث وكانت أجمل النساء، فكانت تصلي ويضيء المحراب لنورها) (1).
3 - وروى العياشي عن حفص بن البختري، عن أبي عبد الله عليها السلام: في قول الله (إني نذرت لك ما في بطني محررا): المحرر يكون في الكنيسة ولا يخرج منها، لما وضعتها أنثى (قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى) إن الأنثى تحيض فتخرج من المسجد، والمحرر لا يخرج من المسجد) (2).
4 - وروى العياشي عن علي بن مهزيار في قوله تعالى: (فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان) قال: (قلت: أكان يصيب مريم ما يصيب النساء من الطمث؟ قال عليه السلام: نعم ما كانت إلا امرأة من النساء) (3). والسند كسابقه مرسل.
والأحاديث السابقة قد اختلفت في دلالتها وظهورها، فبعضها نص في رؤية مريم عليها السلام للطمث كالحديث الرابع الذي رواه علي بن مهزيار، والروايات الثلاثة الأولى وفيها الصحيح - على مبنى السيد الخوئي والمامقاني - لا يبعد القول بظهورها في ذلك، وبالتالي فيكون القول بطهارة مريم عليها السلام غير تام بل الثابت خلافه، ومن ثم يسري التشكيك إلى طهارة الزهراء عليها السلام.
جواب الشبهة الأولى:
ولكن يجاب عن هذا الاستدلال أن الرواية التي قرنت بين طهارة مريم وطهارة الزهراء عليها السلام - وهي الرواية الأولى من الروايات المثبتة لطهارة الزهراء عليها السلام - قد مر ضعف سندها، فلا يصح سريان التشكيك لان الروايات النافية لطهارة مريم عليها السلام فيها الصحيح على مبنى البعض والروايات المثبتة لطهارتها ليس فيها الصحيح ولا تعارض بين الصحيح وغير الصحيح، بل لو كانت الرواية المثبتة لطهارة مريم عليها السلام صحيحة فإن التشكيك لا يسري إلى طهارة الزهراء عليها السلام أيضا لأنه في تلك الحالة يتحقق التعارض بين الروايات المثبتة لطهارة مريم عليها السلام والنافية لها فقط، ولا يتحقق التعارض بالنسبة لطهارة الزهراء عليها السلام لأنه لا توجد رواية تنفي طهارتها من الدم، والرواية التي فرضنا صحتها تثبت الطهارة للزهراء عليها السلام أيضا ولا تنفيها.