الفصل الأول: تسمية مصحف فاطمة عليها السلام وقد لاحظنا أن فضل الله في عدة مواضع يؤكد تعبيره السابق (مصحف الزهراء ليس قرآنا) فقال هنا: (إنها كانت تكتب فيما يسمى مصحف الزهراء الذي هو ليس مصحفا بمعنى القرآن)، وبعد الرجوع إلى الروايات الواردة لم نعثر على رواية واحة فيها تعبير (مصحف الزهراء) بل إنها تشير إلى عبارة (مصحف فاطمة).
وقد ورد ذكر مصحف فاطمة 32 مرة في كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي، وبعد حذف المتكرر أو المذكور في روايات غير مسندة كالمذكور في كتاب المناقب لابن شهر آشوب يكون المجموع منها 28 رواية، وبعد التفحص فيها وجدنا أنها عبرت جميعا عن المصحف ب (مصحف فاطمة) باستثناء روايتين جاءت إحداهما في علل الشرائع للشيخ الصدوق ص 207، والأخرى في كتاب بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار ص 189، حيث عبرتا عنه ب (كتاب فاطمة) (1).
وبالطبع لا ندعي أن العلامة المجلسي استقصى كل الروايات الواردة في مصحف فاطمة من جميع مصادرنا الروائية، فقد أغفل على سبيل المثال رواية أوردها محمد بن جرير الطبري في كتابه دلائل الإمامة، ولكن ما أورده يوجب الاطمئنان بالحصول على الأعم الأغلب من الروايات خصوصا بعد البحث والتقصي في مظان وجود الروايات المتعرضة لمصحف فاطمة في المصادر الأخرى.
وليس الغرض من التعرض لهذه النقطة هو تكثير عدد الاشكالات لان الدقة والأمانة العلمية والتعبد بنصوص أهل البيت عليهم السلام تقتضي أن نلتزم بما جاء فيها بنفس الالفاظ والعبارات وخصوصا أن فضل الله كان في مقام تعيين الاسم الذي اشتهر به المصحف فكان ينبغي أن يقول: (فيما يسمى مصحف فاطمة) - كما التزم به علماؤنا - لا أن يقول: (فيما يسمى مصحف الزهراء). بل إن عدم الدقة في التعاطي مع المصطلحات والعبائر الواردة قد أوقع فضل الله في خطأ ظاهر كما سيأتي في مبحث محتوى مصحف فاطمة حيث ادعى أن محتواه عبارة عن الاحكام الشرعية مستشهدا بما جرى بين الامام الصادق عليه السلام وبعض بني عمه.
تجدر الإشارة إلى أن الروايات التي عبرت عن (مصحف فاطمة) ب (كتاب فاطمة) كلها ضعيفة السند، فرواية بصائر الدرجات ضعيفة بالقاسم بن محمد الجوهري، ورواية العلل ضعيفة به وبالحسين بن الحسن بن أبان وبالفضيل بن سكرة، ورواية الكافي ضعيفة بسلمة بن الخطاب البراوستاني (2).
* * *