وقال السيد عبد الله شبر عن هذه الزيارة: (لا يخفى على أولي البصاير النقادة وأرباب الأذهان الوقادة وذوي العقول السليمة وأصحاب الافهام المستقيمة أن الزيارة الجامعة الكبيرة أعظم الزيارات شأنا وأعلاها مكانة ومكانا، وأن فصاحة ألفاظها وفقراتها وبلاغة مضامينها وعباراتها تنادي بصدورها من عين صافية نبعت من ينابيع الوحي والالهام، وتدعو إلى أنها خرجت من ألسنة نواميس الدين ومعاقل الأنام، فإنها فوق كلام المخلوق وتحت كلام الخالق الملك العلام، وقد اشتملت على الإشارة إلى جملة من الأدلة والبراهين المتعلقة بمعارف أصول الدين وأسرار الأئمة الطاهرين ومظاهر صفات رب العالمين،... وقد اشتهرت بين الشيعة الأبرار اشتهار الشمس في رابعة النهار، وجواهر مبانيها وأنوار معانيها دلائل حق وشواهد صدق على صدورها عن صدور حملة العلوم الربانية وأرباب الاسرار الفرقانية المخلوقين من الأنوار الإلهية فهي كسائر كلامهم الذي يغني فصاحة مضمونه وبلاغة مشحونه عن ملاحظة سنده كنهج البلاغة والصحيفة السجادية وأكثر الدعوات والمناجاة...) (1). ولقد أحسن وأجاد (رضوان الله عليه)، (وأصاب تمرة الغراب).
ب - القرائن الخارجية:
ويمكن أن نعد من القرائن الخارجية المستوجبة للوثوق بالخبر ما يلي:
1 - أخبار المغيبات لمن لم تتحقق له تلك الاخبار في الواقع إلى حسن سماعه بها، فيكفي مثلا لتصحيح صدور حديث (نباح كلاب الحوأب) من النبي صلى الله عليه وآله لمن بلغه ذلك بسند ضعيف في السنة العشرين من الهجرة هو تحققه في السنة السادسة والثلاثين منها، وكذلك إخباره صلى الله عليه وآله بقتل ولده الحسين عليه السلام وجعل القارورة التي كانت عند أم سلمة شاهدا على ذلك، وفي زماننا هذا يكفي لتصحيح قسم من أخبار المغيبات التي وصلتنا بسند ضعيف والمتطرقة لعلامات ظهور الامام المهدي عليه السلام هو تحققها في المستقبل القريب بإذن الله تعالى.
2 - ومن القرائن التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عما ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام احتواء الخبر على مثالب أعدائهم مع ما كانوا فيه من عصور التقية التي تستوجب التحفظ على النفس وعدم نشر ما يتسبب في إتلافها، فإن مثل هذا بحد ذاته من أكبر القرائن المحيطة بالخبر والتي تشهد على صحته، هذا فضلا عما تعددت مصادره وموارد ذكره في الكتب، لأنه كاشف عن مدى انتشار تلك الاخبار بحيث وصلت إلى من بعدهم مع وجود عوامل الضغط والبطش والتحريف والارهاب والتنكيل، ولعل هذا يفسر جانبا من عدم انتشار قسم لا يستهان به من فضائل أهل البيت عليهم السلام ومثالب أعدائهم إلا بعد مضي عقود كثيرة مورس خلالها كل أنواع القهر والظلم بشيعة أهل البيت عليهم السلام ومواليهم.