جواب الوجه الأول أما أولا، فإن ضعف السند ليس دليلا على بطلان المتن في حد ذاته، فمثلا لو ورد في حديث ضعيف السند بأن آصف بن برخيا استطاع أن يأتي بعرش بلقيس من اليمن إلى النبي سليمان عليه السلام قبل أن يرتد إليه طرفه، - ولنفترض أنه لم يأت ذكر لهذه الواقعة في القرآن الكريم، أي لم يكن الحديث قطعي الصدور - فهل يعني ضعف السند أن مضمون الحديث باطل في حد ذاته؟ بالطبع لا يمكن القول بذلك، وإن لم يصح القول والجزم بتحقق المتن أيضا، فغاية ما يمكن قوله في الحديث الضعيف هو سقوط اعتبار الحديث وعدم وجود الدليل على الاخذ به وليس وجود الدليل على عدم الاعتبار، ولذا إن وجد الشاهد على صدق الحديث ودلت القرينة عليه أخذ به، وإلا يترك العمل والقول به، ومحل الكلام إنما هو في البطلان الذاتي كما يدعيه مؤلف كتاب (مسائل عقائدية).
أما ثانيا: فإن القصة قد وردت في كتاب معتبر هو كتاب الاختصاص، وقد مر كلام العلامة المجلسي والحر العاملي وآقا بزرك الطهراني في تصحيح نسبة الكتاب إلى الشيخ المفيد، ومع التسليم بعدم صحة نسبة الكتاب للشيخ المفيد فإن ذلك لا يعني إسقاط اعتبار أصل الكتاب.
ثم إنه على فرض التسليم ببطلان المتن في حد ذاته فإن ذلك لا يخدش في اعتبار الكتاب الناقل، وقد مر كلام السيد الخوئي حول كتاب سليم بن قيس ودفاعه عن الاعتراض الموجه إليه في هذا الخصوص إذ لو صح الطعن في اعتبار كتاب لوجود حديث باطل لصح الطعن في اعتبار الكتب الأربعة، ومعه فلا يصح الطعن في كتاب مدينة المعاجز للعلامة الجليل السيد هاشم البحراني مع ورود الحديث في المصدر الذي نقل عنه أي كتاب الاختصاص.
وللأسف فإن مؤلف (مسائل عقائدية) في سبيل الدفاع عن بعض علمائنا الاجلاء - لمجرد اعتبار عدم القول بالولاية التكوينية نابعا من النفوس الضعيفة وهو طعن فيهم - أخذ في الطعن في العلامة السيد هاشم البحراني وجعل كتابه في مصاف الكتب الراوية للغلاة، وهو الذي قال عنه الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر (قدس سره) في مقام تفنيد القول بكون العدالة بمعنى الملكة:
(... بل عليه لا يمكن الحكم بعدالة شخص أبدا، إلا في مثل المقدس الأردبيلي والسيد هاشم على ما ينقل من أحوالهما...) (2).
وقال عنه الحر العاملي (رضوان الله عليه) صاحب الوسائل:
(فاضل عالم ماهر، مدقق فقيه، عارف بالتفسير والعربية والرجال) (2).