وقد روى الصدوق أيضا في نفس الباب السابق من كتابه علل الشرائع عن أبيه قال: حدثنا عبد الله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن إسماعيل بن بشار قال: حدثنا علي بن جعفر الحضرمي بمصر منذ ثلاثين سنة، قال: حدثنا سليمان، قال محمد بن أبي بكر لما قرأ: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث) وهل يحدث الملائكة إلا الأنبياء؟ قال: مريم لم تكن نبية وكانت محدثة، وأم موسى بن عمران كانت محدثة ولم تكن نبية، وسارة امرأة إبراهيم قد عاينت الملائكة فبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ولم تكن نبية، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله كانت محدثة ولم تكن نبية). وهذه الرواية وإن لم تنسب لأهل البيت إلا أنها تأكيد لحقيقة وردت عنهم عليهم السلام، ويكفي في ذلك صدورها عن محمد بن أبي بكر (رضوان الله تعالى عليه) ربيب حجر أمير المؤمنين عليه السلام، ولذا نجد أن الشيخ الصدوق يعلق عليها قائلا: (وقد أخبر الله عز وجل في كتابه بأنه ما أرسل من الأنبياء أحدا من النساء في قوله تبارك وتعالى: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم) ولم يقل نساء، المحدثون ليسوا برسل ولا أنبياء) (1).
وإلى هذا ذهب الشيخ الطوسي في تفسير الآية 42 من سورة آل عمران الواردة في رواية العلل الفائتة، فقد قال: (وفي ظهور الملائكة لمريم قالوا قولين: أحدهما: إن ذلك معجزة لزكريا عليه السلام لان مريم لم تكن نبية لقول الله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم)، والثاني: أن يكون ذلك برهانا لنبوة عيسى عليه السلام كما كان ظهور الشهب والغمامة وغير ذلك معجزة للنبي قبل بعثته، فالأول قول الجبائي، كان ظهور الشهب والغمامة وغير ذلك معجزة للنبي قبل بعثته، فالأول قول الجبائي، والثاني قول ابن الاخشاد. ويجوز عندنا أن يكون ذلك معجزة لها وكرامة وإن لم تكن نبية، لان إظهار المعجزات عندنا يجوز على يد الأولياء والصالحين، لأنها إنما تدل على مدى صدق من ظهرت على يده سواء كان نبيا أو إماما أو صالحا) (2).
استنكار رأي الامام الخميني!
ويحسن بنا هنا التوقف قليلا عند استنكار فضل الله لرأي الامام الخميني (رضوان الله تعالى عليه)، فالامام يقول في وصيته العظيمة: (ونحن نفتخر بأن... الصحيفة الفاطمية ذلك الكتاب الملهم من قبل الله تعالى للزهراء المرضية مختص بنا) (3).
و (فضل الله) يظهر من مجموع أجوبته أنه يتحاشى أن يصرح بأن جبرائيل هو الذي تحدث مع الزهراء عليها السلام وإذا اقتضى الامر فهو يقول إن ملكا كان يحدثها، وهو في جوابه