ثم إن محاولة (فضل الله) إثبات الآراء المتعددة يتنافى مع إقراره بتحقق الشهرة في كسر ضلع الزهراء عليها السلام وإسقاط جنينها - كما جاء في جوابه الثاني -، كما يتنافى أيضا مع تنصيص الشيخ الطوسي (رضوان الله تعالى عليه) حيث قال: (والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة) وكذلك قوله: (والرواية بذلك مشهورة عندهم)، وسنوردها ضمن ما جاء في كتبنا عن السقط محسن عليه السلام، ومن المعلوم إن قضية ما وقع على الزهراء عليها السلام هي قصة مترابطة الاجزاء والفصول، والاقرار بجزء من الواقعة يستتبعه الاقرار ببقية الاجزاء. بل يكفي في اشتهار وقوع الظلم على الزهراء اعتراف علماء السنة بأن ذلك مما اختصت به الشيعة من دون تمييز في اعترافهم لطائفة دون أخرى، ولو كان بالفعل خلاف حقيقي بين علماء الشيعة لتشبثوا به في مقام الاحتجاج والانكار.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي: (فأما الأمور الشنيعة المستهجنة التي تذكرها الشيعة من إرسال قنفذ إلى بيت فاطمة عليها السلام، وأنه ضربها بالسوط فصار في عضدها كالدملج وبقي أثره إلى أن ماتت، وأن عمر أضغطها بين الباب والجدار، فصاحت: يا أبتاه يا رسول الله! وألقت جنينا ميتا، وجعل في عنق علي عليه السلام حبل يقاد به وهو يعتل، وفاطمة خلفه تصرخ وتنادي بالويل والثبور، وابناه حسن وحسين معهما يبكيان، وأن عليا لما احضر سألوه البيعة فامتنع، فتهدد بالقتل، فقال: إذن تقتلون عبد الله وأخا رسول الله! فقالوا: أما عبد الله فنعم، وأما أخو رسول الله فلا، وأنه طعن فيهم في أوجههم بالنفاق، وسطر صحيفة الغدر التي اجتمعوا عليها، وبأنهم أرادوا أن ينفروا ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة العقبة، فكله لا أصل له عند أصحابنا، ولا يثبته أحد منهم، ولا رواه أهل الحديث ولا يعرفونه، وإنما هو شئ تنفرد الشيعة بنقله) (1).
(وجاء بقرني حمار)...
وينقل ابن حجر العسقلاني عمن ادعى أنهم من أئمة أهل البيت النبوي: (ألا ترى إلى قولهم - أي الروافض - إن عمر قاد عليا بحمائل سيفه وحصر فاطمة فهابت فأسقطت ولدا اسمه المحسن...) (2). وعلامات الكذب بادية على كلامه بوضوح حيث جعل الاسقاط متسببا عن الرعب لا الحصر، مع أنه لم يفصح عن اسم من زعم أنهم من أئمة أهل البيت النبوي، ورغم إنه نقل في لسان الميزان عن الحافظ محمد بن أحمد الكوفي إن رجلا كان يقرأ على أحمد بن السري بن أبي دارم إن (عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن)، وسيأتي في فصل إسقاط الجنين، والمهم في كلامه أنه إقرار باشتهار أمر الاعتداء بالحصر بين الامامية، وفي هذا كفاية لنا.
* * *