فإن كان صادقا فيما يقول، فنصيحتنا له ولأمثاله أن يؤكل أمر البحث للمتفرغين للتحقيق وأهل الاختصاص لأنه من أوليات البحث والحوار أن يكون المحاور والمعترض متفرغا للبحث واكتشاف صحة ما يقوله الطرف الاخر، وخاصة مع ادعائه في مقدمة الهوامش أنه يهدف إلى (تصحيح مسار الحوار وفقا للضوابط الشرعية والمعايير الأخلاقية والأصولية العلمية)! (ولا تقعن البحر إلا سابحا).
أما إن لم يكن صادقا فيما يقول ويهدف إلى تضليل القارئ وخداعه، فإننا نقول له: لا موضع للمخادعين في الحوار!
أما اعتراضه على دلالة الرواية في عدم صراحتها في الدلالة على المطلوب فقد بينا أنه لو لم تكن مناسبة في المقام لكان المقطع أجنبيا، وذلك لا يصح لان المقام مقام المدح وذكر الفضائل ومن جملتها أنها لا ترى الدم باعتبارها بنت نبي، أما الاعتراض بأنها غير دالة على اختصاص الزهراء عليها السلام بهذه المنقبة إذ يشاركها غيرها من بنات الأنبياء في هذه المكرمة فغير وارد لعدم وجود مانع في ذلك، والاختصاص بالمكرمة لا يعني دائما عدم مشاركة الغير بتاتا في الفضيلة والمكرمة بل قد يأتي بمعنى حيازة المكرمة التي قل الحائز لها، نظير قولنا أن من مختصات النبي إبراهيم عليه السلام أنه من أولي العزم من الرسل، ولا نعني أنه لا يمكن لغيره أن يشاركه في هذا المقام.
هل يوجد تعارض في الروايات المثبتة!
وقد تبع مؤلف (هوامش نقدية) صاحبه في جعل غير المتعارض متعارضا! (حتى كأن الكاتب هو شخص واحد بإسمين مختلفين، أم أن الثاني يتبع الأول على طريقة الإمعة!) فقال عن الاخبار الدالة على طهارة الزهراء عليها السلام ما يلي:
(بعض هذه الاخبار يعارض البعض الاخر، إذ بعضه يؤكد أن ذلك من مختصات السيدة الزهراء عليها السلام لخصوصية في طبيعتها الانسية الحورية، أو لانعقادها من تفاحة الجنة وهو ما أكده السيد مرتضى، وبعضه ينفي الحيض عن غير الزهراء من بنات الأنبياء وأمهات الأئمة، وإن لم يمكن من وقوع التعارض فلا أقل من الاختلاف...) (1).
ويرد عليه - بالإضافة إلى ما قلناه من أن الاختصاص بالمكرمة لا يعني دوما نفيها عن الغير -:
إن من المتفق عليه أنه لا تعارض بين المثبتات وأن إثبات شئ لا ينفي ما عداه، هذا مع أن الروايات المثبتة لطهارة الزهراء عليها السلام تثبت طهارتها من كل دوم سواء كان دم حيض أو نفاس أو غيره، أما رواية: (وإن بنات الأنبياء لا يطمثن) تنفي عنهن خصوص دم الحيض فقط، وعليه فالقول باختصاص الزهراء عليها السلام عن بقية النساء بمكرمة التنزه عن جميع الدماء العارضة للنساء غير بعيد.