التشكيك في نسبة الكتاب وبين وجود مثل هذه الرواية، بل إننا لم نجد أحدا من علمائنا أنكر النسبة لمثل هذا السبب ونظير هذه الرواية، هذا فضلا عن أن وجود رواية غير مقبولة ومخالفة للعقل - كما يدعي (فضل الله) - لا يستلزم بأي حال إنكار كل الكتاب، وفي هذا يقول السيد الخوئي في معرض إجابته لبعض الاشكالات الواردة على كتاب سليم بن قيس: (وثانيا: إن اشتمال كتاب على أمر باطل في مورد أو موردين لا يدل على وضعه، كيف ويوجد ذلك في أكثر الكتب حتى كتاب الكافي الذي هو أمتن كتب الحديث وأتقنها) (1).
وبناء على ما سبق يظهر أن قول مؤلف (هوامش نقدية): (وشك الشهيد الصدر وغيره في صحة نسبة كتاب الاختصاص للشيخ المفيد ولم يطعن أحد في مدى إخلاصه لمذهب أهل البيت عليهم السلام) (2) ليس إلا مغالطة واضحة، فإن الشهيد الصدر لم يشك في النسبة لوجود مثل رواية ابن مسعود، هذا بالإضافة إلى أن أمر فضل الله واطروحته لا ينحصر في التشكيك في كتاب أو مسألة بل هو منهج قائم على تبني الشذوذ والآراء الباطلة والمنحرفة بدءا بالعقيدة وانتهاء بالفقه ومرورا بالتاريخ والتفسير والحديث.
الامر الثاني أما بالنسبة للامر الثاني فقبل الخوض فيه لابد من التأكيد على نقطتين:
الأولى: إننا لا نريد إثبات تحقق وقوع الخبر الذي استنكره فضل الله، وإنما نريد مناقشته فيما يطرحه من عدم معقولية مضمون الخبر في حد ذاته، فهناك فرق بين المقامين واضح.
الثانية: إننا نريد من خلال هذه المفردة الجزئية استكشاف بعض المنطلقات الكلية التي يبتني عليها آراء فضل الله بشكل عام في تعامله مع النصوص الواردة عن أهل البيت عليهم السلام ومناقشة تلك المنطلقات لمعرفة الغث من السمين.
وجوه عدم التعقل في الرواية أما وجوه عدم التعقل في الرواية فيمكن حصرها عبر النقاط التالية:
أ - الوجه الأول: عدم امكان حصول شجار بين الملائكة باعتبار أنهم عباد مكرمون يطيعون الله ولا يعصونه في أي أمر، وباعتبار عدم وجود الشهوة لديهم، فلا مجال لصدور المعصية منهم. وقد عمد مؤلف كتاب (مسائل عقائدية) إلى تصوير الاشكال بصورة أخرى معترضا على من استشهد بهذه الرواية حيث قال:
(أما الرواية الأولى التي ذكرها الميرزا عبد الرسول، فبالإضافة إلى بطلانها سندا وعدم ذكرها في المصادر المعتبرة عند علماء الشيعة أنه لا يمكن صدورها عن الصديقة الطاهرة عليها السلام، لمخالفتها للضرورة من دين المسلمين وما عليه جميع العقلاء لان الملائكة