التنكيل في عهد معاوية بمن ينشر الفضائل والمثالب بدأ منع نشر أخبار الفضائل والمثالب بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله مباشرة في عهد أبي بكر وعمر بن الخطاب، حيث تم منع تدوين الحديث وجرى توصية العمال والرسل وأصحاب النبي صلى الله عليه وآله بعدم التحدث بما سمعوه من النبي صلى الله عليه وآله، وكذلك ضرب من يكثر الرواية للحديث وإجبار البعض على الإقامة الاجبارية في المدينة المنورة كي لا ينتشر حديث النبي صلى الله عليه وآله بين الناس، ثم جمعت أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وأحرقت...
ولكن التنكيل والمطاردة والبطش بسبب نشر أحاديث فضائل أهل البيت عليهم السلام ومطاعن أعدائهم دخل طورا جديدا وانتقل إلى مرحلة متقدمة مع بداية الدولة الأموية في عهد معاوية بن أبي سفيان. فقد روى الطبري في تاريخه ضمن أحداث سنة إحدى وخمسين هجرة قصة مقتل حجر بن عدي (رضوان الله عليه)، وجاء فيها: (إن معاوية بن أبي سفيان لما ولى المغيرة بن شعبة على الكوفة في جمادى سنة إحدى وأربعين دعاه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا، وقد قال المتلمس:
لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا * وما علم الانسان إلا ليعلما وقد يجزي عنك الحكيم بغير التعليم، وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة، فأنا تاركها اعتمادا على بصرك بما يرضيني ويسعد سلطاني، ويصلح به رعيتي، ولست تاركا إيصاءك بخصلة: لا تتحم عن شتم علي وذمه، والترحم على عثمان والاستغفار له، والعيب على أصحاب علي والاقصاء لهم وترك الاستماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان رضوان الله عليه والإدناء لهم والاستماع منهم. فقال المغيرة: فقد جربت وجربت وعملت قبلك لغيرك، فلم يذمم بي دفع ولا رفع ولا وضع، فستبلو فتحمد أو تذم.
قال: بل نحمد إن شاء الله...، وأقام المغيرة على الكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين وأشهرا وهو من أحسن شئ سيرة، وأشده حبا للعافية، غير أنه لا يدع ذم علي والوقع فيه! والعيب لقتلة عثمان واللعن لهم، والدعاء لعثمان بالرحمة والاستغفار له والتزكية لأصحابه...) (1).
بين المغيرة وصعصعة بن صوحان:
كما أورد الطبري ضمن أحداث سنة ثلاث وأربعين هجرية خروج المستورد بن علفة الخارجي، وكان مما جاء في ذلك: (ثم إن المغيرة بن شعبة أخبر خبرهم فدعا رؤساء الناس فقال: إن هؤلاء الأشقياء قد أخرجهم الحين وسوء الرأي، فمن ترون أبعث إليهم؟ فقام إليه عدي بن حاتم فقال: كلنا لهم عدو ولرأيهم مسفه وبطاعتك مستمسك، فأينا شئت سار إليهم.