بن يوسف فتقرب إليهم أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه وموالاة من يدعي من الناس انهم أيضا أعداؤه، فأكثروا في الرواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم، وأكثروا من الغض من على عليه السلام وعيبه والطعن فيه والشنآن له، حتى ان انسانا وقف للحجاج - ويقال له انه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب - فصاح به: أيها الأمير ان أهلي عقوني فسموني عليا، واني فقير يائس، وانا إلى صله الأمير محتاج، فتضاحك الحجاج وقال: للطف ما توسلت به قد وليتك موضع كذا.
وقد روى ابن عرفه المعروف بنفطويه - وهو من أكابر المحدثين واعلامهم - في تاريخه ما يناسب هذا الخبر، وقال: ان أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون انهم يرغمون به أنوف بني هاشم) (1).
تعليق لابن رستم الطبري:
وفي هذا الصدد قال محمد بن جرير بن رستم الطبري الامامي: (وانا لنعجب كثيرا مما بقي في أيدي الرواه من فضائلهم، ولا نعجب مما درس ومحا وطمس في طول ولايتهم وولاية بني أمية فان الناس بقوا في أيامهم وأيامه اعتدائهم أكثر من مائه سنه لا يجسر أحد ان يذكرهم بخير فضلا عن ذكر مناقبهم اقتداءا بمن مهد لبني أمية وأزال الخلافة عن بني هاشم الذين هم اعلام الدين ومعدن الرسالة وبيت الحكمة ومصابيح الهدى والمدلول عليهم) (2).
ولم يكن الحال في نشر مثالب أعداء أهل البيت عليه السلام بأقل من نشر فضائلهم بل كان أسوأ، فان دواعي عدم انتشارها أشد أهمية عند الذين غصبوا الخلافة من آل الرسول صلى الله عليه وآله، وقد روى الشيخ الكليني باسناده إلى فروة عن أبى جعفر الباقر عليه السلام قال: ذاكرته في أمرهما، فقال: (ضربوكم على دم عثمان ثمانين سنه وهم يعلمون انه كان ظالما، فكيف إذا ذكرتم صنميهم) (3).
البخاري يتستر على عمر!
وقد مر سابقا في مبحث احراق بيت الزهراء سلام الله عليها كلام الشيخ الطوسي حيث صرح بان المخالف يسعى دوما إلى رواية ما فيه السلامة وتجنب نشر ما فيه الطعن أو ما يشعر به. وسنذكر مثالين في هذا المجال من جهة الاختصار:
1 - روى البخاري في صحيحه عن سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن انس، قال: (كنا عند عمر، فقال: نهينا عن التكلف) (4).