قد يتصور التعارض بين صحيحة الحسين بن أبي العلاء إذا قبلنا بأنها ظاهرة في اشتمال مصحف فاطمة عليها السلام على مسائل الحلال والحرام باعتبار رجوع الضمير إلى الأقرب - ولم نقل بأنها ظاهرة في اشتمال الجفر على ذلك أو أنها مجملة من هذه الناحية - وبين صحيحة حماد بن عثمان التي تنص على نفي وجود مسائل الحلال والحرام، ومن المعلوم الأصوليين يذهبون إلى تقديم النص على الظاهر في مثل هذه الحالة. ولكن الصحيح أن لا تعارض بين النص والظاهر بل هو من موارد الجمع العرفي كما نص على ذلك السيد الخوئي والامام الخميني وغيرهما (1).
ثم إنه لو افترضنا أن دلالة الحديثين متساوية من ناحية الظهور فهما في قوة واحدة ولا يوجد حسب الظاهر مرجح لتقديم أحدهما على الاخر، ومعه فلا مجال أيضا لاثبات وجود مسائل الحلال والحرام في مصحف فاطمة، لان الاثبات يحتاج إلى دليل وهو مفقود حسب الفرض.
أما إذا قلنا بأن رواية حماد بن عثمان ضعيفة سندا وإن صحيحة الحسين بن أبي العلاء ظاهرة في اشتمال مصحف فاطمة عليها السلام على مسائل الحلال والحرام فإنه على هذا الفرض فقط يصح القول أن مصحف فاطمة عليها السلام يحتوي على الاحكام الشرعية أيضا، ولكن بما ذكرناه من الأدلة والشواهد يتبين أن هذا مجرد افتراض لا أكثر.
خلاصة مناقشات مباحث مصحف فاطمة:
وحيث أن الجواب السادس لفضل الله هو غاية ما بلغه فهمه وما أتعب به نفسه لما ذهب إليه من الرأي باعتباره ردا على أحد مراجع التقليد، وحيث إنه قد طرح رأيه حول روايات مصحف فاطمة بصورة جامعة كان لابد لنا من طرح ما ينقض رأيه بشكل جامع أيضا ليتبين زيفه وإنه بعيد عن الدليل العلمي وإن كان في ذلك إعادة لبعض ما سبق.
ففضل الله قد سلك طريقا خاصا به في التعامل مع روايات مصحف فاطمة وأوصله إلى القول بأن مصحف فاطمة يحتوي على الاحكام الشرعية الملقاة من رسول الله صلى الله عليه وآله على الزهراء عليها السلام، فكانت تكتب ذلك في مصحف سمي باسمها، وهو فيما ذهب إليه قد ارتكب أخطاء جسيمة تنم عن قصور وسطحية في فهم الأساس العلمية في التعامل مع الروايات، فقد بنى رأيه على أسس باطلة وهي:
1 - اكتفى في استنتاجاته حول مصحف فاطمة بخمسة أحاديث فقط رغم أنها أكثر من ذلك بكثير، وفي بعض ما لم يذكره ما لا يتوافق مع رأيه.