أما مؤلف (هوامش نقدية) فكان (كابنة الجبل) إذ لم يزد عن تكرار ما قاله فضل الله، فقال: (... مع أنه كان الأجدر أن يرد رواية حماد هذه الأخيرة لان في طريقها عمر بن عبد العزيز وقد وصف بالمخلط وأن له مناكير) (1).
جواب تشكيكات فضل الله:
وقد حاول فضل الله التشكيك في مضمون هذه الرواية من جهتين:
الجهة الأولى: إن الملك جاء مسليا للزهراء عليها السلام فكيف تشكو لأمير المؤمنين عليه السلام، فإن مقتضى التسلية أن تبعث على تخفيف الغم لا الشكوى والضيق. وقد أجاب العلامة المجلسي عن هذه الشبهة فقال: (والمراد بالشكاية مطلق الاخبار أو كانت الشكاية لعدم حفظها جميع كلام الملك، وقيل: لرعبها من الملك حال وحدتها به وانفرادها بصحبته، ولا يخفى بعد ذلك عن جلالتها) (2).
أقول: الذي يظهر من سياق الحديث إن شكوى الزهراء لأمير المؤمنين عليه السلام كانت من جهة خوفها من عدم استفادة من يأتي بعدها من مضمون ما يلقيه عليها الملك في حال عدم تدوينه، فالمراد من اسم الإشارة (ذلك) في الحديث فوات ما يذكره الملك عن التدوين وليس نفس تحدث الملك إليها كما يحاول فضل الله إثارته، وعلى فرض التنزل فإن المراد من كلمة (ذلك) مجمل، ومعه فلا يصح حمل الكلمة على الشبهة المثارة، كما لا يصح رد الرواية الصحيحة لأجلها فإن ذلك مما ينبغي رد علمه إلى أهله، بل وعلى فرض وجود خلل في المتن أيضا فإنه ينبغي الاقتصار على مورد الخطأ لا رد الحديث كلية كما هو الحال في الأحاديث الفقهية (3)، فلو قلنا إن الخطأ هو في تحدث الملك معها فإنه يلزم القبول بباقي المتن الخالي عن الخطأ من كون أمير المؤمنين عليه السلام هو كاتب مصحف فاطمة، وإنه يحتوي على علم ما يكون.
الجهة الثانية: إن الامام علي عليه السلام لم يكن يعلم بإتيان الملك إلا من خلال إخبار الزهراء عليها السلام له، وفي هذا إشعار بتفوق للزهراء عليها السلام عليه. ويجاب عن هذا أولا: بأن إثبات شئ لا يستلزم نفي ما عداه، وليس في الرواية ما ينفي سماع أمير المؤمنين عليه السلام لصوت الملك.
وثانيا: أنه لا يوجد أي مانع من ذلك، فالله سبحانه وتعالى أراد أن يكرم الزهراء عليها السلام في هذا المورد بهذه الفضيلة والمنقبة كما اختص أمير المؤمنين عليه السلام ببعض المناقب، علما بأن بعض الروايات قد دلت على أن أمير المؤمنين عليه السلام كان