فالمعرفة بما في ذلك معرفة مقامات أهل البيت عليهم السلام وأفضليتهم من غيرهم من عوامل تفاضل الافراد في الايمان، وإن التفضيل في حقيقة الامر ليكشف عن مدى وجود صفات الكمال في الفاضل أكثر من المفضول، وفي هذا دعوة للانجذاب نحو الكمال أكثر وكذلك تمييز موجبات الكمال على أقل تقدير إن لم يتحرك الانسان بنفسه نحو الكمال، وإن ذلك سيعينه يوما إذا ما ارتفعت الموانع للميل والقرب من الكمال.
ولو لاحظنا الحياة الانسانية لوجدناها قائمة على ذلك فإنك إذا عرفت أن هذا الشخص صاحب علم غزير تنجذب نحوه، فإن عرفت أن علومه متنوعة ويتقنها جميعا ازداد إعجابك به، وإن علمت مع هذا أنه صاحب عبادة وتهجد وزهد وورع أثرت شخصيته فيك بحيث تقوم بتقليد سلوكه، وهكذا كلما وجدت فيه عنصرا من عناصر الكمال اشتد شغفك في متابعته كأسوة لك في حياتك، بل إن نفس معرفتك بعناصر الكمال فيه لها في حد ذاتها قيمة إيجابية وإن لم يقارنها العمل فعلا، لأنها ستعينك يوما إن أردت أن تسير في طريق الخير والهدى، أما من لا يعرف تلك العناصر فهو كمن قال فيه الامام الصادق عليه السلام: (العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا تزيده سرعة السير إلا بعدا) (1) وعلى هذا الأساس فما نجده في كلمات فضل الله من اعتبار التطرق لبعض الأحاديث الدالة على تفضل أمير المؤمنين والزهراء عليهما السلام من فضول الكلام منشؤه عدم تشخيصه لأهمية المعرفة وتأثيرها في الايمان والسلوك العملي.
ما لا نحتاجه من الجوانب الغيبية في زواجها...!
ومن هذا القبيل أيضا ما ذكره من إسهاب التاريخ فيما لا نحتاجه من الجوانب الغيبية من زواجها، فإنه غفلة عن أن أي شكل من أشكال التكريم لدى البشر في عصرنا الحالي يمثل نوعا من أنواع التقدير للشخص لحيازته بعض الخصوصيات التي يمتاز بها عن غيره، ونلاحظ أنه لو تم تكريم فنان أو لاعب رياضي أو ما شاكلهم فإن انعكاس هذا التكريم يظهر تلقائيا في سلوك المعجبين ومحاولتهم لتقليده، فكيف يكون الحال فيما لو كان التكريم من قبل الله تعالى للشخص؟ مع فارق لا يقبل القياس أبدا في شكل التكريم ومحتواه ونوعيته فمن الطبيعي أنه سيترك آثاره في سلوك الانسان المؤمن لأنه سيجعل المرء أكثر حبا وتعلقا بالمفضل والممدوح.
وقد روى الشيخ الصدوق بسند صحيح عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثني سعد بن عبد الله، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، قال: حدثني علي بن الحكم قال: حدثني الحسين بن أبي العلاء، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: (دخلت أم أيمن على النبي صلى الله عليه وآله وفي ملحفتها شئ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: ما معك يا أم أيمن؟ فقالت: إن فلانة