الوجه الأول: إن المدائني قد اختلفت كنيته في الأسانيد هل هو أبو عبيدة أم أبو عبيد، وقد ذكر السيد الخوئي أنه قد ورد ذكره في روايتين فقط رواهما عن الباقر والصادق عليهما السلام (1)، والظاهر أن المراد به شخص واحد لا تعلم حقيقة كنيته، أما الحذاء فمن المتفق عليه أن كنيته هي أبو عبيدة.
الوجه الثاني: لو سلمنا أن كنية المدائني هي أبو عبيدة لا أبو عبيد، فالقول بأنه المراد هنا لا يصح وذلك لان أبا عبيدة الذي يروي عن الامام الصادق عليه السلام إن كان بدون أي قيد فالمراد به زياد بن عيسى الملقب بالحذاء وهو ثقة بلا إشكال، وقد ذكر السيد الخوئي أن اسمه جاء في عشرات الروايات، وقد أكثر علي بن رئاب من الرواية عنه (2)، فكيف يصح حمل أبي عبيدة على المدائني الذي لم يأت له ذكر إلا في رواية واحدة ولا يحمل على الحذاء الذي ذكر في عشرات الروايات مع إكثار ابن رئاب الرواية عنه؟! وقد مر علينا في مبحث طهارة الزهراء عليها السلام أن السيد الخوئي اعترض على حمل فاطمة على فاطمة بنت أبي حبيش بدليل أن الاسم إذا أطلق ينصرف إلى الفرد المشهور والمعروف، ولا يصح حمله على غير المعروف، والعرف شاهد صدق على ذلك فإنه لو قال شخص مثلا: زرت السيد المرعشي في قم، فإن السامع يفهم أنه يعني المرجع الأب لا الابن إلا إذا كانت هناك قرينة في المقام كمعرفة السامع وجود علاقة حميمة بين المتحدث والابن بحيث أنه كلما سافر إلى قم فإنه ينزل ضيفا عنده.
أقوال أعلام الطائفة في المراد من أبي عبيدة:
ولتسالم إرادة الحذاء من أبي عبيدة فإن علماءنا كالعلامة المجلسي والامام الخميني والميرزا جواد التبريزي وغيرهم ذهبوا إلى صحة سند هذا الحديث واعتباره (3)، ولم نجد من شراح أصول الكافي من قال بضعف الرواية لحمل أبي عبيدة على المدائني.
قال السيد الخوئي في معجمه عند بيان المقصود من أبي عبيدة إذا أطلق من غير أي قيد: (هذا هو أبي عبيدة الحذاء الآتي إلا في مورد واحد روى عنه ابن سيرين، فإنه من المحتمل أن يكون أبا عبيدة الجراح الآتي) (4). ثم إن القول أن المراد في كل ما ورد من الروايات عن أبي عبيدة من غير تقييد هو المدائني يستلزم إسقاط الكثير من الروايات التي يترتب عليها آثار فقهية متعددة في مختلف الأبواب الفقهية، ونحن نكتفي بذكر مثال واحد فقط في المسائل الشرعية نبين من خلاله اتفاق أعلام الطائفة قاطبة على أن المقصود من أبي عبيدة عند الاطلاق هو الحذاء الثقة لا المدائني المجهول، وقد تعمدنا في هذا المثال أن يكون الراوي عن أبي عبيدة علي بن رئاب أيضا حتى تتطابق مع مورد روايتنا حول مصحف فاطمة عليها السلام وما نحن فيه.