ورواة السند من أجلة الثقاة، وإنما الكلام فيمن روى عنهم الشيخ الصدوق، فالسيد الخوئي أهملهما، أما المامقاني فقد ذهب إلى وثاقتهما، وعد الأردبيلي في جامع الرواة جعفر بن مسرور من الحسان، والحديث في متانته وعمق مضامينه وأدلته شاهد على صدقه، وفي سنده قرائن الصحة حيث أن الشيخ الصدوق رواه عن اثنين من مشايخه، وجاء تعبيره عنهما على نحو الترضي، ولو قيل بأن الترضي يفيد حسنا أكثر مما يفيد الترحم لم يكن بعيدا.
وقال الشريف الرضي (المتوفى سنة 406 ه) في تفسير آية المباهلة:
(ومن شجون هذه المسألة ما حكي عن القاسم بن سهل النوشجاني قال: كنت بين يدي المأمون في إيوان أبي مسلم بمرو وعلي بن موسى الرضا عليه السلام قاعد عن يمينه، فقال لي المأمون: يا قاسم، أي فضائل صاحبك أفضل؟ فقلت: ليس شئ منها أفضل من آية المباهلة، فإن الله سبحانه جعل نفس رسوله صلى الله عليه وآله ونفس علي عليه السلام واحدة، فقال لي: إن قال لك خصمك: إ ن الناس قد عرفوا الأبناء في هذه الآية والنساء وهم الحسن والحسين وفاطمة، وأما الأنفس فهي نفس رسول الله وحده، بأي شئ تجيبه؟
قال النوشجاني: فأظلم علي ما بينه وبيني، وأمسكت لا أهتدي بحجة، فقال المأمون للرضا عليه السلام: ما تقول فيها يا أبا الحسن؟ فقال له: في هذا شئ لا مذهب عنه، قال:
وما هو؟ قال: هو أن رسول الله صلى الله عليه وآله داع، ولذلك قال سبحانه: (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم)، والداعي لا يدعو نفسه وإنما يدعو غيره، فلما دعا الأبناء والنساء ولم يصح أن يتوجه دعاء الأنفس إلا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام إذ لم يكن بحضرته - بعد من ذكرناه - غيره ممن يجوز توجيه دعاء الأنفس إليه، ولو لمن يكن كذلك بطل معنى الآية، قال النوشجاني: فانجلى عني بصري، وأمسك المأمون قليلا ثم قال له: يا أبا الحسن إذا أصيب الصواب انقطع الجواب!) (1). ولم يكن القول بأفضلية أمير المؤمنين عليه السلام على جميع البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله مما انحصر أمر الاقرار به في خصوص الامامية، فقد شهد بذلك أيضا أبو جعفر محمد بن عبد الله الإسكافي المعتزلي (المتوفى سنة 240 ه) (2).
العلاقة بين منزلة أمير المؤمنين والزهراء عليهما السلام واستنادا إلى ما سبق فإن من يكون كفؤا لأمير المؤمنين عليه السلام وهو أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله يفوق في الفضل على مريم بالتأكيد بل وعلى جميع الأنبياء والرسل أيضا، وأحاديث الكفؤ فيها تفضيل لأمير المؤمنين والزهراء عليهم السلام معا، وهو من روائع تعابيرهم العظيمة عليهم السلام.