أبي بكر لقنفذ: ارجع فإن خرج وإلا فاقتحم عليه بيته فإن امتنع فضرم عليهم بيتهم النار (1). وهذا يعني إنهم في المرة الأولى قد أحرقوا باب البيت وفي المرة الثانية قصدوا إحراق البيت كله إلا أن مجريات الاحداث التي انتهت بإلقاء الحبل في عنق الامام علي عليه السلام وإخراجه من البيت حالت دون تنفيذ هذا التهديد، ولعل هذا ما يفسر ما جاء في بعض الروايات من أنهم قد هموا بإحراق البيت. والمهم هنا هو أن رواية سليم بن قيس تشير إلى وجود حطب آخر أرادوا به إحراق البيت كله، فلا منافاة - بناء على هذا - بين رواية سليم ورواية الطبري الامامي.
ب - التحليل التاريخي يرتكز ما يسميه فضل الله بالتحليل التاريخي على نقطة واحدة هي أن المسلمين كانوا يحترمون الزهراء ويقدرونها ويعظمونها، وهي تحتل موقعا خاصا لم يبلغه أحد، ولذا فإن من المستبعد أن يجرؤ القوم على ظلم الزهراء عليها السلام والتعدي عليها حتى لو كانوا في أشد الحالات وحشية وانحرافا.
وبطلان هذا الكلام أو ما يسمى بالتحليل يدركه عوام الناس لأنه ينقض نفسه بنفسه، فأي احترام للزهراء عليها السلام بعد تهديد عمر بحرق بيتها؟ وهل كانت الزهراء عليها السلام تحتل عمليا ذلك الموقع الخاص في نفوس المسلمين وعمر يقول للزهراء عليها السلام أمام المسلمين وبمسمع منهم: وإن؟ وماذا بقي من تقدير الزهراء بعد غضبهم فدك علانية وتكذيبهم للزهراء عليها السلام في مطالبتها بإرث أبيها وبمشهد من كبار الصحابة؟
يقول الشيخ عباس القمي (رضوان الله عليه) في كتابه بما يدفع هذا الوهم:
(فقد ذكرت في كتابي المترجم بنفس المهموم في وقايع عاشوراء عن الطبري: إ نه حمل شمر بن ذي الجوشن حتى طعن فسطاط الحسين عليه السلام برمحه ونادى علي بالنار حتى أحرق هذا البيت على أهله، قال: فصح النساء وخرجن من الفسطاط، فصاح به الحسين عليه السلام: يا بن ذي الجوشن أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي، أحرقك الله بالنار. قال أبو مخنف: حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم قال:
قلت لشمر بن ذي الجوشن: سبحان الله إن هذا لا يصلح لك، أتريد أن تجمع على نفسك خصلتين؟ تعذب بعذاب الله وتقتل الولدان والنساء، والله إن في قتلك الرجال لما ترضي به أميرك، قال: فقال: من أنت؟ قلت: لا أخبرك من أنا، قال: وخشيت والله لو أن عرفني أن يضرني عند السلطان، قال: فجاء رجل كان أطوع له مني شبث بن ربعي، فقال: ما رأيت مقالا أسوأ من قولك ولا موقفا أقبح من موقفك، أمر عبا للنساء صرت؟ قال: فأشهد إنه استحيى فذهب لينصرف.
أقول: هذا شمر مع إنه كان جلفا جافا قليل الحياء استحيى من قول شبث ثم انصرف!! وأما الذي جاء إلى باب أمير المؤمنين وأهل بيته عليهم السلام وهددهم بتحريقهم