بالإضافة إلى أن عدم بيعة الامام علي عليه السلام كانت قد أسقطت أي قيمة للبيعة التي أخذوها لأبي بكر في السقيفة، فلذا سعوا إلى تحصيل بيعته بأي ثمن كان، وبما أن ذلك كان أمرا صعبا للغاية فقد أصدر أبو بكر أمره إلى عمر: (إئتني به بأعنف العنف) (1)، وهذا يعني أن كل من سيعترض طريقهم لالقاء القبض على أمير المؤمنين عليه السلام بغرض أخذ بيعته فإنه سيلاقي نفس الأسلوب، وهذا ما حصل بالفعل مع بضعة النبي صلوات الله عليهما، وقد جاء في رواية سليم بن قيس: (وحالت بينهم وبينه فاطمة عليها السلام عند باب البيت، فضربها قنفذ الملعون بالسوط فماتت حين ماتت وإن في عضدها كمثل الدملج من ضربته) (2).
ولا أدري لماذا قيد (فضل الله) في جوابه السادس وأجوبته المتأخرة - كما في جوابه في العدد الثالث من نشرة (فكر وثقافة) في جواب عن سؤال بتاريخ 6 / 7 / 1996 - الحديث الدال على طواف أمير المؤمنين بفاطمة عليهما السلام على بيوت المهاجرين والأنصار بفرض الصحة السندية ولم يفعل ذلك مع خطبتها في المسجد وخطبتها في النساء؟ لم أجد لذلك وجها سوى أن جميع الروايات التي تذكر طواف أمير المؤمنين عليه السلام بفاطمة عليها السلام هي نفس الروايات المثبتة لكسر الضلع والضرب وإسقاط الجنين!! وهذا ما تفطن إليه (فضل الله) أخيرا، ففي أحاديثه المتقدمة لم يطرح قيد - إذا صحت الرواية - في كلامه أصلا!
لماذا لم تخرج خادمتها فضة؟
أما ما أثاره (فضل الله) حول السبب في عدم خروج خادمة الزهراء فضة فإن الرواية الواردة في قصة الهجوم تجيب عن ذلك، فقد جاء فيها: (وقول عمر له: اخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون من البيعة لأبي بكر، فما لك أن تخرج عما اجتمعنا عليه، فإن لم تفعل قتلناك! وقول فضة جارية فاطمة عليها السلام: إن أمير المؤمنين عنكم مشغول والحق له لو أنصفتموه واتقيتم الله ورسوله، وسب عمر لها، وجمع الحطب الجزل على النار لاحراق أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب ورقية وأم كلثوم وفضة، وإضرامهم النار على الباب، وخروج فاطمة عليها السلام وخطابها لهم من وراء الباب، وقولها: ويحك يا عمر، ما هذه الجرأة على الله ورسوله؟... إلخ) (3).
فهذا النص يدل على أن فضة كانت هي التي قد خرجت أولا، وعندما أجابوها بالسب ولم يؤثر كلامها في القوم شيئا اضطرت فاطمة الزهراء عليها السلام للخروج بنفسها، فهي ربة البيت، وهم يريدون إخراج زوجها، ولن تقف حيال ذلك مكتوفة الأيدي من دون أن تبذل كل جهدها دفاعا عن أمير المؤمنين وحقه.