فاستأذن الله في زيارتي، فبشرني أو أخبرني أن فاطمة سيدة نساء أمتي). قال الهيثمي: (رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن مروان الذهلي، ووثقه ابن حبان) (1).
جواب شبهة:
وتبقى هناك شبهة قد يطرحها البعض من السنة والشيعة، وهي أن القول بتفضيل فاطمة عليها السلام على نساء العالمين بما في ذلك مريم يتنافى مع ظهور وشمول قوله تعالى:
(إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) (2)، فالآية لها شمول لجميع النساء في جميع الأزمنة، وبذلك تسقط الروايات الدالة على تقدم فاطمة الزهراء عليها السلام في الفضل على مريم عليها السلام عن الاعتبار. وقد يحلو للبعض أن يضيف لذلك أن كل ما جاء من حديث مخالف للكتاب فيجب أن يضرب بعرض الحائط.
والجواب عن هذه الشبهة هو أن من المسلم أن الآيات القرآنية قابلة للتخصيص والتقييد سواء بالقرآن أو بالسنة، ومن المسلم أيضا أن ما دل من الأحاديث القطعية على أن فاطمة عليها السلام هي سيدة نساء العالمين يعارض شمول الآية وظهورها، ولكن الأحاديث التي تدل على أن فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وأن مريم عليها السلام هي سيدة نساء عالمها تصلح لتقييد شمول الآية وبالتالي ارتفاع التعارض الموهوم.
أقوال المفسرين في دفع الشبهة:
ويدعم هذا الرأي مجموعة من الأحاديث مر بعضها ويأتي غيرها - بإذن الله -، وكذلك أقوال العديد من المفسرين من الفريقين حول الآية المذكورة مع مقارنته بما قالوه في مواضع أخرى من تفسيرهم للقرآن الكريم.
قال القرطبي في تفسير قوله: (واصطفاك على نساء العالمين): (يعني عالمي زمانها، عن الحسن وابن جريح وغيرهما، وقيل: على نساء العالمين أجمع إلى يوم الصور، وهو الصحيح على ما نبينه، وهو قول الزجاج وغيره) (3).
أما ابن كثير فقد أورد المعنى السابق على نحو الاحتمال، فقال في تفسير نفس الآية: (يحتمل أن يكون المراد من عالمي زمانها، كقوله لموسى: (إني اصطفيتك على الناس) (4)، وكقوله عن بني إسرائيل: (ولقد اخترناهم على علم على العالمين) (5)، ومعلوم أن إبراهيم عليه السلام أفضل من موسى، وأن محمدا صلى الله عليه [وآله] وسلم