وهكذا نلاحظ أن الشيخ الطوسي (قدس سره) يؤكد على تحقق الاجماع الشيعي على إسقاط الجنين بالضرب بقرينه قوله: (لا خلاف فيه)، فأين هي الآراء المتعددة التي يكثر (فضل الله) من تكرارها؟ ومن هم المخالفون؟ وما هو محل الخلاف؟!
الخلل في الأمانة أم في الفهم؟
ومما يبعث على الاستغراب اعتراض مولف (هوامش نقديه) على العلامة السيد جعفر مرتضى استشهاده بمجموعه من العبارات لعلمائنا ومن جملتهم الشيخ الطوسي (قدس سره) لاثبات تحقق الاجماع مدعيا أن عبارته لا تدل على ذلك، فقد قال: (...
لان الصحيح هو عدم نقل الشيخ الطوسي الاجماع ليقال كيف يعقل أن يدعي الطوسي الاجماع وأستاذه المفيد يخالف، وإنما نقل الشيخ الطوسي الشهرة الروائية...، والشهرة علميا - وكما يعلم السيد مرتضى - غير الاجماع، فلماذا يدعي على الشيخ الطوسي ما لم يقله وما لا يريده. هل هذا من الأمانة في النقل أم أنه من أصول البحث والتحقيق!) (1).
ويجاب عن هذا الاعتراض الركيك بما يلي:
أولا: أشرنا أن هنا قرينه توكد على إرادة الشيخ الطوسي للاجماع، حيث أنه وصف المشهور بأنه لا خلاف فيه، فان المشهور الذي يكون فيه الخلاف هو المقصود بالمشهور علميا ويقابله الشاذ، أما المشهور الذي لا خلاف فيه فالمقصود به الاجماع، وهذا ما ذكره الشيخ الطوسي.
ثانيا: خلط مولف الهوامش بين معنيين مختلفين مأخوذين من لفظ واحد، فاتهم لذلك العلامة السيد جعفر مرتضى بعدم الأمانة في النقل مع أن الخلل ليس في الأمانة في النقل بل في فهم النقل! فان مقصود الشيخ الطوسي من المشهور في قوله أولا:
(والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة إن عمر ضرب على بطنها) هو إجماع رأي علماء الشيعة على ضرب عمر لفاطمة، وأراد من المشهور في قوله ثانيا: (والرواية بذلك مشهوره عندهم) الشهرة الروائية ولم يرد المعنى الأول، وإلا لو كان المراد من كلا اللفظين معنى واحدا لما كان هناك داع لتكرار العبارة، ويشهد لذلك سياق العبارة فالشيخ الطوسي تعرض أولا إلى الضرب بالسوط مشيرا إلى وجود الرواية بذلك، ثم انتقل إلى الضرب على البطن المستوجب لاسقاط الجنين فأكد على أنه لا يوجد أي اختلاف بين الشيعة على هذا الامر، ثم أكد على أنه بالإضافة إلى تحقق إجماع الرأي فان الشهرة الروائية متحققه أيضا فيه، إذ لا يلزم في وجود إجماع على رأي أن تكون الشهرة الروائية متحققه فيه أيضا، ولكن مشكله مولف الهوامش أنه يجهل - إن لم يكن يتجاهل - هذا الفرق الواضح فيتخبط في فهم العبارة، وهكذا تبرز مشكله أخرى وهي تفهيم من لا يدقق في فهم العبارات!... (أعندي أنت أم في العكم؟).