اللاحج نبيا منذرا ولم يكن رسولا، وكان إبراهيم في شبيبته على الفطرة التي فطر الله عز وجل الخلق عليها حتى هداه الله تبارك وتعالى إلى دينه واجتباه، وانه تزوج سارة ابنة لاحج وهي ابنة خالته...) (1). والسند ضعيف بسهل بن زياد على رأي المشهور أما على رأي الخميني المامقاني وآخرون فهو حسن (2). وكذلك في السند ضعف بإبراهيم الكرخي. وفي المتن بسبب اختلاف النسخ وتوهم النساخ اختلاف واضطراب في تحديد العلاقة النسبية بين إبراهيم وسارة، ففي أكثر النسخ جعلت سارة ابنة لاحج أم إبراهيم ثم جاء فيها أنه تزوجها وأنها ابنة خالته! وهو خطأ قطعا والصحيح كما جاء في بعض النسخ: امرأة إبراهيم وامرأة لوط، وقد ذهب العلامة المجلسي إلى أن هناك سقطا في الرواية من النساخ وأن الصحيح عن سارة أنها ابنة ابنة خالته (3).
2 - وذكر قطب الدين الراوندي أن الشيخ الصدوق روى عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبان، عن عقبة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن إبراهيم تزوج من سارة، وكانت من بنات الأنبياء على أن لا يخالفها ولا يعصي لها أمرا فيما وافق الحق) (4). والسند ضعيف بعقبة.
ومن هذين الحديثين الضعيفين يعلم صحة كلام العلامة المجلسي من عدم وجود ما يدل على أن سارة كانت من بنات الأنبياء، ولكن على فرض التسليم بصحتهما فليس في ذلك أي محذور، لان العام والمطلق يقبل التخصيص والتقييد فلا مانع من الالتزام بالاستثناء، إلا أن ذلك لا يضر في بقاء العام والمطلق على حاله، وبالتالي لا يؤثر ذلك بتاتا في موضوع البحث أي طهارة الزهراء عليها السلام مما ينال النساء، فإخراج أي فرد من حكم العام يحتاج إلى دليل قطعي، وهو مفقود في الزهراء عليها السلام.
هل في حديث العلل دلالة منكرة؟
وقد ادعى مؤلف (هوامش نقدية) أن في رواية علل الشرائع دلالة منكرة من دون بيان وجه الانكار، إلا أنه يمكن تصور تلك الدلالة إما في كون سارة أول من طمثت أو في كون الطمث عقوبة كما هو الأظهر. أما أصل طمث سارة فلا أظن أنه مقصود مؤلف الهوامش، إذ لا يعقل أن يستبعد طهارة الزهراء وهي أفضل من سارة بلا شك ويستنكر طمث سارة! ولكن ما توهمه من الدلالة المنكرة موهون جزما، لان الحديث لم يقل أن سارة أول امرأة طمثت على وجه البسيطة، بل أخبر عن أنها أول من حاضت من بنات الأنبياء، ثم إنه على الفرض الأول أيضا لا استبعاد في ذلك في حد ذاته، ولكن الاستبعاد يأتي من روايات أخرى تثبت أن بداية الحيض كان قبل ذلك.