وقال: والذي نفس عمر بيده ليخرجن أو لأحرقنه على ما فيه، فقيل له: إن فيه فاطمة بنت رسول الله وولد رسول الله وآثار رسول الله صلى الله عليه وآله فأشهد إنه لا يستحي ولم ينصرف بل فعل ما فعل) (1).
إن أقصى ما يمكن أن يقال في هذا الصدد تأييدا لما يسمى بالتحليل التاريخي هو أن المسلمين لم يكونوا راضين بما فعله عمر من التهديد ولكنهم لم يستطيعوا فعل شئ لمنعه من ذلك أو الانكار عليه، وهذا بحد ذاته إقرار بأن الجو المشحون بالإرعاب والتخويف آنذاك كان يسمح لعمر بتنفيذ تهديده عمليا من دون رادع وإن لم يشاركه المتفرجون على الجريمة! ويشهد لذلك أن التاريخ لم ينقل لنا أن الذين قالوا لعمر: (إن فيها فاطمة) قد اعترضوا على قول عمر: (وإن)!
غير أن الذين سمحوا بإحراق الدار على أمير المؤمنين عليه السلام لولا فاطمة الزهراء عليها السلام فقط مع ما رأوه من عظيم منزلته في الاسلام وما فعله النبي صلى الله عليه وآله في غدير خم بتنصيبه خليفة عليهم ولما يمض على واقعة الغدير شهران ونصف لن تكون معارضتهم شيئا يذكر في هذا المجال، ولن تزيد على القول: إن فيها فاطمة؟! أما إذا أصر المهددون على ارتكاب فعلتهم الشنيعة فإنهم - أي المتفرجون - سيبادرون فورا بالانسحاب ليفعل المهدد ما شاء ويرتكب جريمته وضح النهار.
هذا مع أن (فضل الله) قد ناقض نفسه مع ما قاله لاحقا في خطبة له بتاريخ 17 جمادى الأولى 1418 ه الموافق 19 / 9 / 1997 م: (فإننا نعتبر أن تهديده بحرق الدار حتى لو كان فيها فاطمة عليها السلام تدل على أن القوم كانوا مستعدين للقيام بكل شئ، وفي هذا تتبدى ظلامتها عليها السلام) (2).
وهنا يفرض السؤال نفسه: إذا كان القوم مستعدين للقيام بكل شئ فما هو وجه إصرار فضل الله على إنكار وقوع ضرب الزهراء عليها السلام أو كسر ضلعها وغير ذلك مما جرى عليها؟!
وإذا كان (فضل الله) يستبعد وقوع الظلم على الزهراء عليها السلام لأنها كانت شخصية محترمة عند المسلمين فإن ما ورد في كتب الحديث يؤكد على استعدادهم لارتكاب ما هو أكبر مما فعلوه بها صلوات الله عليها...
ففي كتاب (علل الشرائع) باب العلة التي من أجلها أمر خالد بن الوليد بقتل أمير المؤمنين عليه السلام، روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عمن ذكره، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
(لما منع أبو بكر فاطمة عليها السلام فدكا وأخرج وكيلها جاء أمير المؤمنين عليه السلام إلى المسجد وأبو بكر جالس وحوله المهاجرون والأنصار فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة عليها السلام