وقال الشيخ الصدوق: (وروي أنه لما قبض النبي صلى الله عليه وآله امتنع بلال من الاذان لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن فاطمة عليها السلام قالت ذات يوم: إني أشتهي أن أسمع مؤذن أبي عليه السلام بالاذان، فبلغ ذلك بلالا، فأخذ في الاذان، فلما قال: الله أكبر الله أكبر، ذكرت أباها عليه السلام وايامه فلم تتمالك من البكاء، فلما بلغ إلى قوله أشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله شهقت فاطمة عليها السلام شهقة وسقطت لوجهها وغشي عليها، فقال الناس لبلال: امسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله الدنيا، وظنوا أنها ماتت، فقطع أذانه ولم يتمه، فأفاقت فاطمة عليها السلام وسألته أن يتم الاذان فلم يفعل، وقال: يا سيدة النسوان إن أخشى عليك ما تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالاذان فأعفته عن ذلك) (1).
وقال محمد بن الفتال النيسابوري: (وروي أن فاطمة عليها السلام لا زالت بعد النبي معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدة الركن من المصيبة بموت النبي صلى الله عليه وآله، وهي مهمومة مغمومة محزونة مكروبة كثيبة حزينة، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، وحين تذكره وتذكر الساعات التي كان يدخل فيه عليها فيعظم حزنها...) (2).
ولو قيل بأن الجزع على أعظم المصائب جائز لم يكن ذلك جزافا، فلا يستبعد الحديث الوارد إن كان يفيد جزع الزهراء عليها السلام على أبيها صلى الله عليه وآله، وعلى أدنى تقدير لا يصح الجزم بالنفي (3).
* * *