وأنى كان، ولا أعرف ذلك، لثقته برأيه وقلة معرفته بجهالته، فما ينفك مما يرى فيما يلتبس عليه رأيه، ومما لا يعرف للجهل مستفيدا، وللحق منكرا، وفي اللجاجة متجريا، وعن طلب العلم مستكبرا) (1). وكذلك ارتكب (فضل الله) خطا آخر من خلال الاستناد على رأي الغير في تشكيكه والذي ينشأ منه مذهب قائم على التلفيق المبتني على آراء الآخرين الشاذة أو الضعيفة.
الملاحظة الثانية:
(فضل الله) وإن أقر بوجود نصوص كثيره في دلائل الإمامة للطبري وتلخيص الشافي للشيخ الطوسي إلا إنه لم يتطرق إلى رأيه الحاسم في قبوله لتلك الروايات، فهو بالإضافة إلى أنه لم يشر إلى مسأله قبوله لسندها أو عدم قبوله كما أشار لذلك في كسر الضلع فقد تطرق إلى المسالة على طريقه العرض لا إبداء الرأي، ونراه يقول:
(فالمسألة بحد ذاتها محل جدل واختلاف في بعض جوانبها).
وأرجوا أن لا يحملنا البعض على إساءة الظن، لان طريقه عرض (فضل الله) التي اشتهرت دائما بوجود مهرب له من كل إدانة وبترتيب خط للتراجع عند الضرورة هي التي دعتنا إلى ذلك، فقد عرف بعبارات (وربما... وهنا رأي... وهناك رأي... وقد يري البعض...) وغيرها من العبارات التي يثير من خلالها الموضوع وفق الاتجاه الذي يستحسنه من غير أن بيت فيه برأي حاسم، ولذا نراه في الجواب الخامس بعد ذكر مسأله حصول الخلاف حول الاكتفاء بالتهديد لاحراق الدار أم تنفيذ التهديد وغير ذلك من الطلم يقول: (ولست أنا في وارد البحث الان حول كل هذه التفاصيل، لأنه ليس هناك مشكله حتى يغوص الانسان في هذه القضايا...)، بل إنه بعد كل ما قاله المدافعون عنه حول تغير موقفه قال في الشريط المسجل: (ولذلك المحكي بأننا اعتذرنا، في الواقع لم يكن هذا اعتذارا! ولكنه كان مواجهه للحملة الظالمة التي كادت أن تتحول إلى فتنه في قم، وطلب مني الكثيرون من الفضلاء أن أتحدث بطريقه (!) تمنع الآخرين من إثارة الفتنة الغوغائية التي حدثت من أكثر من جانب، والتي استفادت منها المخابرات الإقليمية والدولية، لذلك تحدثت بطريقه ليس في اعتذار، ولكنه فيها تخفيف من طبيعة الموضوع، وأنا ليست القضية من المهمات التي تهمني).
وفي الشريط الأخير حسم الامر حيث قال: (والمسالة أنه أنا ما كان عندي، يعني ما عندي ضرورة لتحقيقها وما حققتها وما أستطيع أن قول فيه هناك أو لا).
الملاحظة الثالثة:
طرح (فضل الله) مسأله إسقاط الجنين على أنها مسأله قابل للجدل، لان الشيخ المفيد تحفظ في هذا الامر، ولذا نراه يوعز جوابه باحتمال سقوط الجنين بشكل طارئ إلى رأي الشيخ المفيد.