أصلحك الله، فأين كان عز بني هاشم وما كانوا فيه من العدد؟ فقال أبو جعفر عليه السلام:
ومن كان بقي من بني هاشم، إنما كان جعفر وحمزة فمضيا وبقي معه رجلان ضعيفان ذليلان حديثا عهد بالاسلام، عباس وعقيل وكانا من الطلقاء، أما والله لو أن حمزة وجعفر كانا بحضرتهما ما وصلا إلى ما وصلا إليه، ولو كانا شاهديهما لأتلفا نفسيهما) (1).
لماذا خرجت فاطمة ولم يخرج علي؟
أما ما أثاره (فضل الله) بخصوص اعتراضه على خروج الزهراء عليها السلام وخطابها للقوم من وراء الباب مع تهديد عمر وتوعيده للامام علي عليه السلام بما يسمح لان يصل الامر إلى الاقتحام فيمكن الجواب عنه بأمرين:
الأول: انشغال أمير المؤمنين عليه السلام بجمع القرآن وبدين النبي صلى الله عليه وآله ووصاياه وشؤون أزواجه، ويدل على ذلك عدة روايات، منها:
1 - ما رواه العياشي في تفسيره من أن أمير المؤمنين عليه السلام قال لقنفذ مبعوث أبي بكر عندما طلب منه إجابة دعوته ليبايع أبا بكر: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي وأوصاني أن إذا واريته في حفرته لا أخرج من بيتي حتى أؤلف كتاب الله فإنه في جرايد النخل وفي أكتاف الإبل) (2).
2 - ما رواه سليم بن قيس عن عبد الله بن عباس أنه قال: (توفي رسول الله صلى الله عليه وآله يوم توفي فلم يوضع في حفرته حتى نكث الناس وارتدوا وأجمعوا على الخلاف، واشتغل علي بن أبي طالب عليه السلام برسول الله صلى الله عليه وآله حتى فرغ من غسله وتكفينه وتحنيطه ووضعه في حفرته، ثم أقبل على تأليف القرآن وشغل عنهم بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن همته الملك لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله أخبره عن القوم). ثم يتابع ابن عباس سرد الاحداث إلى أن يصل إلى الاحداث التي سبقت الهجوم بقليل، ومنها ما ذكره بقوله: (فأقبل قنفذ فقال: يا علي، أجب أبا بكر. فقال عليه السلام: إني لفي شغل عنه، وما كنت بالذي أترك وصية خليلي وأخي) (3).
3 - ما رواه الخصيبي عن المفضل بن عمر عن الامام الصادق عليه السلام ضمن ما يكون من الرجعة، وما تقصه فاطمة عليها السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله عما جرى عليها وعلى بعلها وأولادها من الظلم، ومما جاء في الشكوى: (وتقص عليه قصة أبي بكر وإنفاذ خالد بن الوليد وقنفذ وعمر جميعا لاخراج أمير المؤمنين عليه السلام من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة واشتغال أمير المؤمنين وضم أزواج رسول الله وتعزيتهن وجمع القرآن وتأليفه وإنجاز عداته وهي ثمانون ألف درهم باع فيها تالده وطارفه وقضاها عنه) (4).