فيكون قوله في الجوامع هو المعول عليه. وقد ذهب الشيخ محمد جواد البلاغي إلى نفس هذا الرأي في تفسيره (1). وللعلم فقد ذهب فضل الله في تفسير قوله تعالى:
(وليس الذكر كالأنثى) أن الوجه في ذلك هو أنه كان محرما على الإناث في ذلك الوقت الخدمة في الهيكل المقدس في بيت المقدس! (2).
رأي العلامة المجلسي ومناقشته:
قال العلامة المجلسي تعليقا على صحيحة علي بن جعفر في الكافي:
(قوله عليه السلام: (وإن بنات الأنبياء لا يطمثن)، أقول: لا ينافي ذلك الاخبار الواردة في حيض حواء لأنها مع ضعفها لم تكن من بنات الأنبياء، وما ورد من أن مريم حاضت، فيمكن أن يكون تقية وإلزاما على المخالفين، ويمكن حمل هذا الخبر على أولي العزم منهم، وبه يمكن الجواب عن حيض سارة إن ثبت كونها من بنات الأنبياء بلا واسطة، إذ الظاهر أن المراد هنا بناتهم بلا واسطة، ويمكن الجواب عنها وعن مريم بأنه لم يثبت كونهما من بنات الأنبياء بلا واسطة) (3).
وما يهمنا من كلامه (قدس سره) هو ما يتعلق بمريم عليها السلام، أما ما يتعلق بسارة فإنه سيدرج ضمن الشبهة الثانية.
فنقول: إن القول بظهور الحديث في اختصاص عدم حيض بنات الأنبياء بلا واسطة كلام في محله، إلا أن حمل الأنبياء على كونهم من أولى العزم لا دليل عليه لا في صحيحة علي بن جعفر ولا في غيرها، وإطلاق الصحيحة يقتضي الشمول لكل بنت نبي بلا فرق. أما القول بعدم وجود دليل على أن مريم عليها السلام كانت بنت نبي بلا واسطة فغير تام، وذلك لان قطب الدين سعيد بن هبة الله الراوندي (المتوفى سنة 573 ه) ينقل عن الشيخ الصدوق رواية صحيحة السند، فقد رواها الصدوق عن محمد بن موسى بن المتوكل، حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، حدثنا الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي بصير، قال: (سألت أبا جعفر عليه السلام عن عمران أكان نبيا؟ فقال: نعم، كان نبيا مرسلا إلى قومه، وكانت حنة امرأة عمران وحنانة امرأة زكريا أختين، فولد لعمران من حنة مريم، وولد لزكريا من حنانة يحيى عليه السلام، وولدت مريم عيسى عليه السلام، وكان عيسى ابن بنت خالته، وكان يحيى عليه السلام ابن خالة مريم، وخالة الام بمنزلة الخالة) (4).
وأما احتمال التقية أو الالزام فوارد، قال العلامة المجلسي تعليقا على رواية إسماعيل الجعفي: (ويمكن أن يكون هذا إلزاما على المخالفين بما كانوا يعتقدونه من