وروى أحمد بن ميمون في فضائل علي وكذلك الرافعي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (أول شخص يدخل الجنة فاطمة بنت محمد، ومثلها في هذه الأمة مثل مريم في بني إسرائيل) (1). وهذا الحديث فيه إشارة إلى اختصاص كل واحدة منهما بعالمها الخاص.
وروى محب الدين الطبري والسيوطي عن ابن عساكر بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (أربع نسوة سيدات سادات عالمهن: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وأفضلهن عالما فاطمة) (2). وهذا الحديث في عين ذكر التفصيل في السيادة بين العوالم نص على أفضلية فاطمة على غيرها من النساء من حيث العالم، وهذا كاف في الدلالة على المطلوب.
ونقل ابن شهر آشوب عن عائشة وغيرها عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (يا فاطمة أبشري فإن الله اصطفاك على نساء العالمين وعلى نساء الاسلام وهو خير دين) (3).
كلام الآلوسي في تفضيل الزهراء عليها السلام:
واستنادا إلى الأحاديث السابقة وغيرها ذهب جمع من أعلام أهل السنة إلى أن الزهراء عليها السلام أفضل من بقية النساء، وفي هذا يقول شهاب الدين الآلوسي في تفسير الآية الدالة على اصطفاء مريم على نساء العالمين ما يلي:
(والمراد من نساء العالمين قيل جميع النساء في سائر الاعصار، واستدل به على أفضليتها على فاطمة وخديجة وعائشة رضي الله تعالى عنهن، وأيد ذلك بما أخرجه ابن عساكر في أحد الطرق عن ابن عباس إنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: (سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية امرأة فرعون)، وبما أخرجه ابن أبي شيبة عن مكحول وقريب منه ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: (خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على ولد في صغره وأرعاه على بعل في ذات يده، ولو علمت أن مريم ابنة عمران ركبت بعيرا ما فضلت عليها أحدا)، وبما أخرجه ابن جرير عن فاطمة صلى الله تعالى على أبيها وعليها وسلم أنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله تعالى عليه [وآله] وسلم: (أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم البتول)، وقيل المراد نساء عالمها فلا يلزم منه أفضليتها على فاطمة رضي الله تعالى عنها.
ويؤيده ما أخرجه ابن عساكر من طريق مقاتل عن الضحاك، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم إنه قال: (أربع نسوة سادات عالمهن: مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله تعالى عليه [وآله] وسلم، وأفضلهن عالما فاطمة)، وما رواه الحرث بن أسامة في