يبحث في سندها...) (1) فلماذا احتاج في مسألة كسر الضلع إلى البحث في سندها للحكم بوقوعها مع إقراره بكونها من القضايا المشهورة ولم يحتج إلى البحث في سند الصحيفة لتصحيح نسبتها لبلوغه حد الشهرة؟! وهذا يعني أن القضية ليست في اتباع الدليل الذي طرحه (فضل الله) لنفسه بل يعود إلى أمر آخر في نفسه لا يود الكشف عنه فيتستر بهذه الآراء المعوجة والمتناقضة الصادرة عنه.
الملاحظة الثانية: أقحم (فضل الله) اسم السيد الخوئي (قدس سره) في البحث من خلال قوله بعدم انجبار ضعف السند بعمل المشهور، وفي هذا إيحاء بأن السيد الخوئي يشاركه القول في أمرين:
الأول: إن كل ما كان ضعيفا سندا فهو مردود ولا يمكن القول بموجب محتواه، ومن ذلك مسألة كسر ضلع الزهراء عليها السلام.
الثاني: إن هذا داخل ضمن مسألة انجبار ضعف السند أو عدم انجباره بعمل المشهور، وقد أخطأ في كلا الامرين.
أما الامر الأول فإن المقياس في الاخذ بمضمون الروايات ليس هو دوما صحة السند من ضعفه، فليس كل ما لم يثبت فيه سند صحيح فإن ذلك دليل على صحة طرحه وعدم الاخذ بموجبه، فإنه توجد في بعض الأحيان قرائن داخلية وخارجية تحيط بالرواية وتكتنفها تستوجب الوثوق بالصدور وتشهد لصحة محتوى الحديث.
وقد يقع الاختلاف بين العلماء في تحديد بعض القرائن ومدى تأثيرها في إثبات حجية الخبر وتصحيحه، ولكن مما لا شك فيه أن أصل وجود القرائن مؤثر في ذلك، ويمكن لنا الاستشهاد بما تعرض له بعض علمائنا لاثبات تأثير القرائن في تصحيح الخبر مع كونه مرسلا أو ضعيفا من ناحية السند، ومن أمثلة ذلك:
1 - قال الشيخ المفيد (رضوان الله عليه) عند ذكره لفضائل ومعجزات أمير المؤمنين عليه السلام: (ومن ذلك ما رواه أهل السير واشتهر الخبر به في العامة والخاصة حتى نظمه الشعراء وخطب به البلغاء ورواه الفهماء من حديث الراهب بأرض كربلاء والصخرة، وشهرته يغني عن تكلف إيراد الاسناد له (2).
وقال أيضا عن خطبته عليه السلام المعروفة ب (الشقيقة): (فأما خطبته عليه السلام التي رواها عنه عبد الله بن عباس (رحمه الله) فهي أشهر من أن ندل عليها ونتحمل لثبوتها) (3).